وانتشى الخالقُ بعيناها..
**
عدة أحداث غير مفهومة كنت أنظر إليها بحركة عين سريعة متزامنة مع تلك الأصوات العالية المتداخلة في بعضها البعض والتي كانت تضج داخل رأسي بينما كنت أنظر أنا إلى كل هذا بصمت وتلك الرياح الباردة تلفح جسدي..
- إيف..
تخلل صوته المألوف أذناي بهدوء لأفتح عيناي بصعوبة وأنظر إليه..
أدركت حينها أنني كنت أحلم..
لا أتذكر ذلك الحلم أو بالأحرى ما كان ذلك الكابوس الغريب..
لكن جزءا مني كان واعيا أيضا إذ أن تلك الأصوات التي كانت تضج في رأسي لم تكن إلا أصوات المتواجدين في الرواق في ذلك المستشفى قمت بربطها بالحلم بطريقة ما..- هل أنت متعبة؟.. سألني والدي وهو يضع يده على كتفي..
- قليلا..
- حسنا.. اذهبي إلى المنزل لترتاحي قليلا.. رونيت قادمة الآن..
أومئت برأسي ونهضت لأتقدم نحو غرفة والدتي..
- كيف حالها؟.. ما الذي قاله الطبيب لك؟..- هي بخير.. الحمدلله.. لقد أخبرني بأن ضغط دمها ارتفع كثيرا، كما تعلمين فهي تعاني أصلا من ضغط الدم، أخبرني أن ننتبه عليها وعلى أكلها خاصة، وكذلك طلب مني ألا نسمح لها بالقيام بالأعمال المنزلية الشاقة في الفترة الحالية حتى لا تتعب..
- فهمت.. أجبته وأنا أهز رأسي مناظرة إياها عبر شباك الغرفة الزجاجي..
- هل ستبقين هنا في القدس؟.. سألني..
- نعم.. سأبقى إلى أن تتحسن حالتها.. أجبته ثم استدرت إليه وقلت.. - هلا أعرتني سيارتك؟.. لقد تركت سيارتي في تل أبيب..
- وكيف أتيت إلى هنا؟..
- مع صديقتي.. قلت لينظر لي بشك ثم يخرج مفاتيحه ويمدها لي..
أخذت المفاتيح بصمت ثم ودعته بابتسامة مزيفة وخرجت متجهة نحو موقف السيارات..
ركبت السيارة وشغلت المحرك لأسمع صوت بطارية الهاتف منذرة بأنها على وشك النفاذ..
أخرجت الباور بنك خاصتي ووضعت هاتفي يشحن لأنتبه فجأة لرسالة كانت قد وصلتني من الدكتور توماس، ذلك الطبيب النفسي البلجيكي مجيبا على رسالتي التي كنت قد أرسلتها له ليلة أمس أخبره بأنني لن أتمكن من المجيء في الموعد المتفق، طالبة منه أن يأجله لحوالي عشرة إلى خمسة عشر يوما..فتحت الرسالة ورحت أقرأها بعيناي..
”أهلا آنسة كوهين..
لقد قرأت رسالتك للتو، أتفهم ظروفك وأقدر أوضاعك، لكنني لن أتمكن من تأجيل موعدك إلى عشرة أيام بسبب إجازتي التي ستدوم لمدة شهرين.. إذ كان بإمكانك الحضور في الموعد المتفق عليه سابقا فسيكون ذلك جيدا وإلا فإبمكانك حجز موعد آخر بداية من الخامس عشر آذار.
تحياتي،
د. توماس“
أنت تقرأ
تحت ظلال الياسمين
Romanceليس لنا في الحنين يد.. وفي البعد كان لنا ألف يد.. سلام عليك، افتقدتك جدا.. وعلى السلام فيما أفتقد!.. - محمود درويش -