الفصل الرابع عشر

862 54 23
                                    

ظننتُني أعرف نفسي من أكون..
حتى وجدتُني في حضرتها..

**

أسير ببطئ وسط ذلك الشارع ذو العمارة الأوروبية الخالي من الناس..
لا شيء سوى هاته الفيلات القديمة، أشجار على طول الطريق كانت قد بدأت تخضر من جديد في دورة ولادة جديدة لها ككل سنة..
تعمقت عند هذه الفكرة الأخيرة لأقترب من إحداهن وأبدأ بملامسة أوراقها بأطراف أصابعي..
غريب كيف أن كل شيء في هذه الحياة يسري في دائرة بسيطة من الموت والحياة.. ينتهي شيء ويبدأ من جديد بكل سلاسة..
إلا نحن البشر.. عالقين دائما في فخ سعادة البداية وقعر حزن النهاية!..
- يا ريتني شجرة.. قلت بيني وبين نفسي ثم ضحكت بعدما تخيلت الأمر فعلا..
ترى كيف سأشعر!.. ثم ألا تمل من الوقوف في نفس المكان دائما!..
وقفت قليلا بجانبها أحاول عيش الشعور..
بدأت أتأمل السماء وأراقب حركة السحب، أستشعر الرياح وهي تداعب خصلات شعري القصيرة، أتلذذ بسماع صوت العصافير، أراقب الأشجار الأخرى وأحاول تخيل حوار يجري بينها..
لكن لم أكمل خيالي حتى سمعت صوتا يقول بالفرنسية.. - بيسان.. ما الذي تفعلينه هنا..

**

~ إيف..
كنت مستلقية على الأريكة الموجودة في غرفة المعيشة أقرأ كتابا بينما كانت أمي جالسة بجانبي تشاهد التلفاز ودافنا من الجهة الثانية مقابلة إيانا ممسكة بهاتفها..
حين أتت أتارا ابنة رونيت وسحبت الكتاب من يدي ثم أمسكتها وبدأت بسحبي منها..

- أتارا.. ماذا هناك!..

- تعالي معي خالتو..

نهضت من مكاني باستغراب وتبعتها لتخرج من غرفة المعيشة وتأخذني نحو غرفة أختي رونيت..
دخلت الغرفة لأجد أخاها دان قد أفرغ كل معدات التجميل الخاصة بوالدته وراح يرسم بتلك الأقلام وأحمر الشفاه على جدران الغرفة..

- انظري ماذا فعل دان.. لقد قلت له بأنها لأمي لكنه لا يريد أن يصغي لي، وإذ رأت أمي ماذا فعل ستضربني أنا أيضا.. قالت وابتلعت أنفاسها في تمهيد منها لتلك الصرخة المتعارف عليها عند الأطفال..

حملتها واحتضنتها لتبدأ بالبكاء عند أذني، مسحت على شعرها ورحت أقول.. - لا تخافي أنا هنا لن أسمح لها بأذيتك..

اقتربت من دان وسحبت الأقلام وأحمر الشفاه من يده لأصرخ فيه.. - ما الذي تفعله؟!..

- اا.. أنا أرسم.. قال بوجه حزين بعدما صرخت عليه..

- هذه أدوات التجميل ليست أدوات رسم.. ثم أنظر ماذا فعلت بالجدران!!..

- لقد طلبت من أمي أن تشتري لي أقلام وألوان لكنها رفضت ذلك.. لذا سأكمل الرسم بهم.. أتركيني إيف.. قال صارخا بعناد وراح يأخذ الأدوات من جديد لأسحبه من يده وأخرجه من الغرفة بينما راح هو يرتمي على الارض ويصرخ باكيا..

تحت ظلال الياسمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن