13.

42 4 131
                                    



* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

" كَان الغَضب الذِّي استوطن قَلبه سيفًا لا غَمد له"

-

صَباح الثُّلاثاء، كَانت نَارومي قد استيقظت عقب نَومٍ طَويل، وذات الإحباط ما يَزال مُستقرًا على وجهها، فتُقرر على الفَور الذَّهاب للاغتسال وتبديل ثِيابها، علّ ذلك يُساعد في التَّخفيف من شُعورها بالغَثيان الشَّديد الذِّي يُواصل مُلازمتها.

حال فَراغها، اتجهت إلى صالة الجُلوس، علّها تجد شَقيقها بها، لكنها وجدت المَّكان خاليًا تمامًا، فتفهم أنَّه يَجلس في الخَارج أو رُبما ذَهب لابتياع بعض الأغراض للمنزل، فتجرّ خُطواتها إلى عَتبة الباب.

زامنت لحظة سحبها له دَفع شخصٍ في الجِهة المُّقابلة بالمِّثل، فتُبعد كفها عن قَبضة الباب حال أنّ أصبح الشِّق واسعًا، وعيناها مُستقرتان عليه لمعرفة القادم، فتجد مَقصدها يحمل ذات التَّعبير المُّستنكر أثناء حمله لبعض الأغراض بيده الأُخرى، فيُخاطبها حال اتصال أعينهما: لقد استيقظت! كَيف تَشعرين الأن نانا؟

حال خَتمه لحديثه، كان قد لمَس جَبينها بظاهر كفه لتفقد حرارتها، فتُجيبه الأصغر بنبرةٍ مُنخفضة، وذات الشُّحوب يَعلو مَلامحها: استيقظت قَبل وقت وخرجت للبحث عنك.

كَان الأكبر قد جَرها خَلفه إلى المَّطبخ لترتيب ما قام بإحضاره، مُجبرًا إياها على الجُلوس على الأدراج الرُّخامية قَريبًا منه، فيبدأ الحديث ما أنّ وجدها تلتزم الصَّمت، قائلًا: ألن تخبريني بما حدث قَبل ليلتين؟ حرارتكِ كانت مُرتفعة مِما يَدلني أنَّكِ قُمت باستخدام كمٍ هائلٍ من اللَّهب، لم أشأ الضَّغط عليكِ عندما عُدتِ لأنَّكِ كُنت مُتعبة، لذا أخبريني.

عَقب ختمه الحديث، كانت نارومي قد بدأت الحديث باللَّحظة التَّالية، كما لو كانت لا تَملك أيّ رغبةٍ للجدال أو التَّأجيل، مِما كان أمرًا مُستنكرًا منه، لكنه أنصت لحديثها حال سماعه لصوتها، قائلةً: ذَهبت إلى المَّدينة التِّي كان يعيش بها أساهي، رأيت كيف كانوا يعيشون بسكينة رُغم اتساخ أيديهم بدماء الأبرياء، يأكلون من أموالٍ كُسبت من أفعالهم الشَّنيعة، أغضبني الأمر أكثر مِما كُنت غاضبة، ومن قَبلها ذَهبت إلى البُقعة التِّي أخبرني أنَّه يُحبها كَثيرًا، قاموا بدفنه هُناك، أراد منا الجُلوس بها ذات يوم والحديث بلا تَوقف، لقد وَصلت مُتأخرةً حقًا، علمت بتلك اللَّحظة أنَّني لا أستطيع فعل أيِّ شيءٍ من أجله ولا سَبيل لعودته، آلمني ذلك أكثر.

لكنني لم أكن لأتركهم يَمضون بسلامٍ بعد ذلك، لقد أحرقت المَّدينة عن بَكرة أبيها، كل ما بها وأولها ما بُني مكان مَيتمهم، رأيت الدُّموع قد تكدست بأعينهم والخَوف أصبح جليًا عليهم، لكن ذلك لم يَكن كافيًا، لقد ضَحكوا عليه وعلى والده عندما كانا يُعانيان، لم يستجب أحدهم لهتافاتهم الخائفة، بل واصلوا عد الدَّقائق على نهايتهم وتحقق مطلبهم، جَعلتهم يَتجرعون ذات الكأس الذِّي قاموا بسقيهما منه، وإنّ حاولوا الهُروب من المَّكان فلن تَكون هُناك أيُّ فائدة، فالخَتم أصبح على أجسادهم، فأينما يكونون سيهلكون، سأجعل الجَميع يتذكرها بكونها المَّدينة التِّي لا تنام.

Wonderحيث تعيش القصص. اكتشف الآن