27.

23 4 42
                                    





* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

"وكُلما حلّت الذِّكرى، ظَننتُ أنّ رُوحي أقرب لبلوغ السَّماء شوقًا".

-

صِباح السَّبت، كَان لاوليس قد عاد لتوّه بعد ابتياعه لمَ يحتاجه لإعداد الطَّعام، وبالتَّحديد بعد طلب شَقيقته له أن يُحضر لها شيئًا بثمار البَحر، فقد مَضت فترة طَويلة مُنذ تناولت وجبةً كهذه.

حال ولوجه المَّنزل، وجد شَقيقته مُنغمسةً بمُشاهدة التِّلفاز كما تركها، وطبق الوَجبة الخَفيفة الذِّي أعده لها قبل أنّ يُغادر ما يزال على حاله، فيُدرك أنّ انغماسها هذه المَّرة أفقدها الشُّعور بالمُّحبط بما في ذلك حُضوره.

وَضع ما كان بيديه على الطَّاولة، مُتجهًا بعدها إليها للتحدث معها، فيجدها قد التفتت نحوه حال جلوسه بجانبها، فيُخاطبها بقوله: حضرت الطَّعام لكِ قبل أن أُغادر لئلا تَشعري بالجُوع أثناء غيابي، لكنك لم تلمسي الطَّبق حتى، لمَ؟ هذا العَرض يشد انتباهكِ كثيرًا؟

أجابته الأصغر أثناء إشارتها إلى التِّلفاز: إنَّهم يقومون بتنسيق الأزهار وصُنع الكَثير من الباقات الجَميلة، تمامًا كما كانت تَفعل أمي، أنا لا يُمكنني إزاحة عيني عنهم، إنَّني أراها بهم.

لامس حُزنها المُّغلف لنبرتها قلبه، ككل مرةٍ يَجري ذِكر والديهما على لسان أحدهم، فيتنهد بقلة حِيلة، نافضًا ما كان برأسه من كلماتٍ مُحبطة، ومن ثُمَّ يُخاطبها باعتيادية نبرته: مَضت أربعة أشهر مُنذ رحلا نانا، متأكدٌ من كونهما مَسرورين لاستمرارنا بذكرهما ورُؤيتهما بين ثنايا الأشياء.

لكننا بذات اللَّحظة لا ينبغي علينا البقاء بذات البُقعة بسبب هذه الذِّكريات، لا يُمكنك التَّجمد مكانكِ عند ذِكر أحدهما أو المُّرور بشيءٍ قد ارتبط بهما، ثَمة الكَثير من الأشياء التِّي يقوم بها الجَميع، أكلما مررت بأحدهم وهو يقَوم بفعلٍ مُشابه ستعلقين مكانكِ وتُواصلين تأمله؟

آنت الأصغر بضجر حال سماعها لقوله، مُلوحةً بيديها بالهَواء، مِما تَسبب باستلقائها على ظهرها، مِما كان فعلًا مُعتادًا بالنِّسبة له، فيمد يده حتى استطاع التقاط كَفها الأيسر، ومن ثُمَّ يَقوم بجذبها مُجلسًا إياها، ويُخاطبها: لا يُمكنكِ التَّشكي دائمًا نانا.

انهضي الأن وتناولي ما بطبقكِ، ومن ثُمَّ سنقوم بترتيب المَّنزل ونَطهو الغداء معًا، بعدها يُمكننا الخُروج للتنزه ما طلبتِ أو لعب شيءٍ ما هنا، لذا إنّ استمررت بالتَّذمر سيمر الوقت دُون أنّ نفعل شيئًا.

نهضت الفتاة خَلفه حال ختمه الحديث، مُواصلة التَّمتمة بانزعاج، فتضع طبقها على الطَّاولة وتبدأ بالأكل أثناء تَرتيب شَقيقها لمَ أحضره، ويُخرج ما يحتاجه لصنع وجبتهما، فيَتبع ذلك اتجاهه إلى غُرفة الجُلوس لتنظيفها بمُفرده ريثما تنتهي من الأكل.

Wonderحيث تعيش القصص. اكتشف الآن