" هيون "

7 3 0
                                    

ما زلت أتذكر تلك اللحظة ....
عندما تم إحتوائي من قبل السيدة سارة ، كنت في سابعة من عمري لقد كنت مشرداً بلا والدين أو مأوى مطروداً من الميتم
عندما طردوني قالو لي " أنت مثير للمتاعب لسنا بحاجة لك ، أخرج ! "

على حسب قولهم أني مسبب مشاكل  ، رغم ذلك لست أنا من بدأ تلك المشاكل بل كانو أطفال الميتم الذين مارسوا العنصرية ضدي بسبب لون شعري الأبيض الذي إكتسبته مع موت والدي في حادث الطائرة

لكن السيدة لم تبالي إن كنت بلا والدين أو بشعر أبيض أو مشرد أو حتى مسبب مشاكل إعتنت بي مثل إبنها
وعاملتني بكل حب ، وردا على لطفها وحنانها لي وإيوائها لي قلت على الأقل يجب أن أساعدها بشيء حتى لو كان صغير

سألتها إن كانت في حاجة إلى مساعدة في أي شيء
لكن كانت إجابتها دائما " ما أريده منك حقا هو أن تكبر وتنمو بصحة جيدة "

لذلك إرتأيت أن أتعلم الطبخ وتنظيف بسرية كي أساعدها في أعمال البيت عندما لا تكون في المنزل لأنها دائما ما تقول لي بنهر " هذه أعمال البالغين وليست للأطفال ، الأطفال يجب عليهم اللعب " وتأخذ مني أدوات التنظيف إن حاولت مساعدتها دون طلب إذنها

وعندما أعود خائبا الأمل إلى غرفتي مفكراً في خطة جديدة لمساعدتها يفاجئني وجود إبنتها التي تصغرني بسنتين قد عبثت في أغراضي وملئت ملابسها بالحبر

أوه ، بالعودة إلى ذلك الوقت أتذكر كم كانت رانيا لطيفة وهي عابسة بسبب توبيخ أمها لها بعد توسيخ ملابسها في كل مرة بالحبر الذي لا يخرج عن الملابس بسهولة ولكن كالعادة تخرج رانيا فائزة بسبب قولها بوجه لطيف أنها لن تعيدها مرة أخرى وأن تسامحها على ذلك ويبدو أنه في كل مرة تفوز لطافة رانيا على سيدتي

كان يظهر على وجهها تعابير مكتئبة عندما ترى إبنتها حزينة وتحاول إرضائها بكل الوسائل الممكنة لأن قلبها لن يتحمل أن تحزن كتلة اللطافة خاصتها ولو قليلاً

كم كانت تلك اللحظات جميلة ، بعد عدة أشهر من وجودي في المنزل دخل رجل غريب طويل القامة عريض الكتف ببشرة بيضاء ناصعة ووجه يشبه الفنانين والمشاهير الذين يخرجون على التلفاز وخلفه فتاة جملية لا تقل جمالاً عن المشاهير أيضا

قلت بخوف :
- م .. م .... م من أنت ؟؟

رد علي بتعابير غاضبة :
- بل من أنت ؟
تتسلل إلى داخل منزلي وتسألني من أنا ؟؟!

وقتها إقترب مني كي يضربني ظاناً أني لص دخل منزله لكن قاطعته سيدتي قبل أن يضربني وقالت أنه طفل آواته لأنه كان بدون بيت وعلى وشك الموت جوعاً

في ذلك الوقت لم أفهم لما كان سيضربني أو ما الخطأ الذي فعلته ، قالت لي سيدتي أن أصعد إلى غرفتي مع رانيا وألعب معها ريثما تتحدث مع ذلك الرجل

وعندما كنت ما زلت أصعد الدرج سمعت صوت صراخ قادما من الأسفل ويبدوا أنهم كانا يتشاجران

بتذكر ذلك الوقت ، دائما عند عودته يحضر معه مرأة مختلفة قابلها أثناء عمله أو عند سفره في رحلات العمل في الخارج ، وسيدتي لم يكن يعجبها ذلك فتبدأ شجارا حول الطلاق إن لم يكن يحبها ويريد منها البقاء فليسمح لها بالرحيل ، لكن شرط طلاقها منه كان أن تبقى رانيا معه دون مقابلتها لسيدتي نهائياً ، ودائما ذلك ما كان يسكتها عن ذكر الطلاق مجددا وعندما تحاول إقناعه بترك رانيا عندها عندما يطلقها ، لم يكن يعجبه ما تتفوه به فيضربها وعندما أحاول أن أساعدها تبعدني و تقول لي لا تدع رانيا ترى أو تسمع عن هذا وتعيدني إلى غرفتي وأنا أسمع صوت بكائها من الأسفل وأنا أشتاط غضباً ولكن عندما أرى رانيا وهي نائمة أهدئ من نفسي كي لا أيقظها بحركة خاطئة مني

وفي كل مرة أسمع صوت ضحكات النساء التي يجلبهن معه على سيدتي يزاد إحباطي على عدم مقدرتي على فعل شيء ويزداد غضبي على نفسي لأني ضعيف الحيلة والقوة وأقول في قرارة نفسي في كل مرة أني بتأكيد سأزجه بسجن حتى يموت و يتعفن ، بالتأكيد بعد ضربه عدة مرات كي أشفي غليلي

في النهاية تم سجنه عدة سنوات لا أكثر ولكن لم يلتقي  بسيدتي من بعدها ولا حتى برانيا  التي تشبث بها كثيرا ، تم طلاقهم لكن رانيا لم تذهب عنده وكانت هي من تقرر أين تذهب وقت المحكمة
وكان ذلك عندما بلغت السادسة عشر من عمري

إتهمو سيدتي زورا لكن كانت بالفعل قد وظفت محاميا بارعا كان زميلا لها في المدرسة الثانوية وكانو على وفاق وقتها لكن لم يحكم عليه إلا عدة سنوات وأن يدفع غرامة قليلة من المال وذلك قد عكر مزاجي ...
لا بل مزاجنا جميعا كنا نود أن يبقى في السجن على الأقل عشرين عاما ، حدث ماحدث

ولتغيير مزاجنا ذهبنا لرحلة خارج البلاد مع أصدقاء رانيا ، جيني وجين مع ولي أمرهما عمهم الأكبر وأخ سيدتي الأصغر مارك مع القليل من الكشافة المراهقين كانت أول رحلة خارج البلاد لنا جميعا
فقررنا ذهاب إلى مغامرة جميلة

فقررنا جميعاً إستكشاف الغابة ولكن المشكلة التي وقعت وهي ما كانت سبب تغير رانيا إلى ما هي عليه الآن

هي موت سيدتي وولي أمر جيني وجين وموت أحد أصدقائها المقربين بسبب إنقلاب سيارة الرحلة التي كانت تحملهم وقد نجا الباقي بأعجوبة

كانت تعتقد أنه بسببها قد ماتو لأنها طلبت تغيير الطريق فجأة بسبب أنها أرادت ذهاب إلى جزء أثار فضولها في الغابة
ولكن ليس بسببها بل هو خطأي لعدم تفحصي المسبق للعجلات التي كانت مهترئة جدا من الرحلة التي سبقتها لم تستحمل وعورة الطريق الشديدة ونفجرت وإنقلبت العربة

لم يكن خطئها بل خطأي أنا الذي لم يعر ذلك حتى أدنى انتباه

حتى العودة إلى الحاضر أعتقد أني مازلت أشعر بها ....
آخر لحظات سيدتي وهي توصيني بحماية رانيا من أي شيء قد يؤذيها أو قد يحاول إستغلالها .....  حتى لو لم تخبرني كنت سأحميها حتى لو كلفني ذلك كل شيء

فهي في النهاية كنزها الثمين التي تحملت شتى أنواع الأذى من أجلها ....

الجزيرة الوهميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن