السابع من فبراير

0 0 0
                                    

كنت استمع الى احدى ال "بوكاست" التي أُحبها ، والتي اعتدته سماعها ، وانتهت وقام المشغل التلقائي بتشغيل أُخرى ، كدت ان اغير وآتي بأخرى اعرفها ، الا ان اسمها جعلني اقف قليلاً ، "كيف نكتشف طموحاتنا الخاطئة" ، دار ببالي لوهلة ، كيف يمكن أن يكون طموح شخصٍ ما هو خطأ ؟ أليس الطموح فاللغة حينما اقول ذلك شاب طموح أي السِّاعِي بِرَغْبَةٍ لِلْحُصُولِ على مَا هُوَ أَعْلَى ؟ ، او رُبما ان تعمقت ففيها من التطلّع إلى تحقيق هدف ما ، فكيف تكون طموح شخص ما خطأ؟
لذا قررت الاستماع ، وبتركيز اكثر من ذي قبل ، كان يتحدث عن الاصرار و المعاني السامية خلفه ، وكيف يقنط الجميع التخلي والمغادرة ، ولكن طرح سؤال لم يخطر على بالي قط  " متى يكون الاصرار نقمة على صاحبه ، ويصبح التخلي و المغادرة او تغيير المسار خطوة للنجاح؟"
لا ادري لكني شعرت لوهلة بأني كنت افتقد جزءاً ، لم أكن ارى الصورة كاملة ، كنت ارى الجزء الذي سأحقق به نجاحاً ما ، او رُبما أصْرَرْتُ على النجاح من خلال ذلك الجزء ، بدأت اتساءل ، أحقاً رُبما كانت احلامي و طموحاتي عائق لي؟
كنت اشعر انني كنت على طريق الصواب في تمسكي بطموحي و اصراري رغم الظروف بأن اصل اليه و احاول بكل شكل ، لكن اتضح لي كما قالها في ال "بودكاست"
"نحن نخاف الخسارة ، لذا تفاديها اوجب" اي اني ، رُبما انت ايضاً ، نتمسك ببعض الاشياء ، ليس لانها الاوجب ، و نتفادى بعض القرارات ، ليس لانها الاصح ، ولكن فقط ، بسبب خوفك من الخسارة، لا تريد ان تدخل معركةً خاسرة كما يقولون ، لذا اما انك تتفادى المجادلة من الاساس ، او انك تتمسك و تصّر على شيء ما معتقداً انه سيؤدي بك الى النجاح او بمعنى آخر "تحقق طموحك" كي لا تثبت نفسك مُخطئاً.
اعلم ان كلامي قد يبدو مُعقداً ، لكن لو فهمنا لماذا نفعل ما نفعل فسيكون اسهل علينا بكثير ، بعض القرارات تكون منغمسة أكثر من اللازم ، ماذا يعني هذا؟
لقد شرحها بسهولة و بمثال بسيط ان يحق لي ان اقتبس من فكرته ، رُبما تريد ان تذهب الى صديق ما ، ستتصل بصديقك و تخبره بنيتك ، لكن صديقك ليس بالمنزل اليوم فلا بأس رُبما تتفقون على ميعاد آخر  ، لكن ان كنت مدعواً منذ مدة على عشاء عمل مهم ، وذهبت منذ فتره لتحجز زي مناسب ، قمت رُبما بارسال ملابسك الى الكَيّ ، و طلبت  سيارة مخصصة لاقلالك ، و قبل العشاء بيوم ، اخبروك انه ملغي ، رُبما ستشعر بالضيق و تفعل اي شيء كي تجعل هذا العشاء ينجح ، السؤال هو ، لماذا رضيت عن هذا و غضبت عن ذاك؟
اذ قمنا بتحليل الموفقين ستجد انك بالاول ، كنت تقوم بقرار بناءً على ما سيكون بالمستقبل ، يمكنك ان تجتمع بصديقك بأي وقتٍ لاحق ، لكن الثاني ، قلت نظرت الى الماضي ، الى الملابس و الكَيّ و السيارة و تجهيزاتك تلك ، بالاضافة الى المستقبل.
أتعرفون معنى كلمة الاستغراق في التفكير؟ هذا ما حدث فعلاً ، تعمقت و انغمست بتبعات الماضي و جعلها تؤثر على المستقبل بشكل ملحوظ.
رُبما ان جئت الان و عرضت لكم ، مثال ما ، طالب بالثانوية ، حلمه ان يدخل كلية ما ، اتى بمجموعٍ عالٍ جداً ، لكن لم يوفقه الطريق ، و دخل كلية يكرهها ، أيمكنكم حساب كمية المقارنات التي يُجريها بين الكليتين بأول عام له؟ لا بأس بطالب اول سنة، رُبما يتعافى مع الوقت ويُحب مجاله الجديد ، ما بالك بطلاب بالسنوات الاخيرة ، و لزيادة السخرية ، أيمكنني اضافة الخريجين؟ لماذا لم يتحركوا من تلك النقطة؟ البعض ينظر لتعبه فالثانوية و المكان الذي يستحق ان يكون فيه ، و الاخرين ينظرون الى رُبما ان الماضي كان خطئهم الذي سيظل يُعاقبهم القدر به ، و هناك اسباب أُخرى كثيرة لا داعي لذكرها ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، إلى متى؟ إلى متى سنظل نحلم بشيء لن يتحقق؟ سميناه طموح ، سميناه حُلماً او رُبما ادعينا انه حق مكتسب ، لماذا لم ينظر احد منا الى الجزء المنير قط؟ و اقصد بالجزء المنير هو كلامي منذ البداية ، لماذا قد يكون طموحك خاطئاً.

فالعادة ، يخاف الانسان من المجهول ، يخاف من تغيير الخطة و الانحراف عن المسار ، لذلك تمسكه بالماضي و ما يعرفه هو ما يبقيه عليه، لذا كيف يمكننا ان نغادر و نتخلى ببساطة؟
من قال انه سيكون ببساطة؟ يجب ان تتعلم ان تترك ماهو ليس لك ، و تنظر الى المستقبل ، لن يكون سهلاً هذا حقيقي ، لكن عليك ان تتوكل على الله اولاً ، ثانياً ان تأخذ بالاسباب ، تمسكك بالقرار بلا اسباب واضحة او بلا رؤية ما خلف القرار الاخر قد يكون مُعضلة، يجب ان تُدركها ، اعلم ان هناك الكثير من المشاعر التي ستُصاحب قرار المغادرة،  لكن انت لن تعرف ما فاتك حتى تترك هذه المُعتقدات و تُجرب.
رُبما الآن يدور ببالك عدة اشياء ،كيف اعلم انني يجب ان اغادر؟ لاُقرب لك الصورة رُبما يمكنني طرح السؤال التالي كيف تُرتب اولوياتك ،  قرأت عن طريقة في كتابٍ سأُرفقه اسمه ، كان يضع بين طياته ، طريقة ترتيب اولوياتك ، والتي كانت مُجرد صفحات فارغة فالحقيقة ، لا يوجد ما يمكنه ترتيب اولوياتك لك ، انت من تفعل ذلك ،يمكنك ان تُحدد بناءً على مصفوفة ما تُسمى مصفوفة اينزهاورد لادارة المهام ، رُبما يمكنها مُساعدتك على تفريغ اولوياتك ، لكنها لن تُرتبها لك، أفهمت ما اريد قوله؟ ليس هناك قواعد للمغادرة ، انت من تُحدد ذلك ، رُبما يمكنك اتباع عدة طُرق منشورة باحدى الكتب لمساعدتك ، لقد قرأت ايضاً عن طريقة تستخدمها احدى الشركات فتحديد ما ان كان المشروع الجديد سيكون فعّالاً ام يمكنهم إيقافه بأي وقت؟

قرأت في تلك المقالة ، ان الشركات حينما تُقرر بدأ مشروع جديد و إيقاف مشروع حالي ، ترى ما بعد المشروع ، هل حقق المشروع الحالي الشيء المرجو منه ، هل هناك تأثير على فئة معينة من الناس ، ثم يرون المشروع الجديد ، ما المتوقع منه ، و ما كمية الضرر من المشروع الحالي و التي يمكن للمشروع القادم ان يُصلحها؟ وعندما يتوصلون لاجابة اننا لن نعرف حتى نُجرب او انه قد يكون هناك احتمالية بان يكون الجديد افضل بكثير، يدخلون فالمشروع الجديد و يغلقون القديم بشرط مراقبة الوضع لشهر و ينتظرون هدف معين ، ان لم يتحقق يعودون من جديد.
كيف يمكنك تطبيق هذا بحياتك العملية؟ فقط كل ما عليك ان تضع خلفية لقراراتك ، و ان تنتظر نتيجة معينة بعد مدة تُقرها ، اذا اصبحت حقيقة فانت في الطريق الصحيح ، و اذ لم تتحقق فرُبما انت في مكان خاطئ.
يمكنك تطبيق هذا على كل شيء بحياتك ، ليس فقط قراراتك و احلامك و طموحاتك ، يجب عليك ان تنظر بطريقة مختلفة للامور كما نظرت انا ، لعلني أكون بابا مُغلقاً اجعلك تنظر كما يقولون الى النصف الجيد من الحياة

الرحلة الثانية.
الرحيل.

بقلم الكاتب Where stories live. Discover now