يعد الساعات و الدقائق و حتى الثواني، "متى سينتهي هذا الامر!" يقول في نفسه.
جالسا بجانب والده، بالكاد يتفاعل مع من حوله، يكره تواجده بينهم، يريد ان يرجع لحيث كان، حيث شعر بالانتماء، حيث شعر انه حقيقي.لما على الناس ان يكونوا بهذا التصنع؟ لما عليه هو ان يتصنع التفاعل معهم؟ "ربما لأننا بطبيعتنا متصنعون بطريقة او بأخرى " يجيب في نفسه .
******
"اذا، نوح كيف هو العمل؟" سأل احد الزوار"جيد.." اجاب بخمول
"لا تزال في قسم التسويق؟"
"صحيح.." اجاب بخمول اكثر
"وفقك الله بني.. سمعت انكم تعملون لساعات طويلة في اليوم الواحد، قد تبلغ عشر ساعات! هل يعتبرونكم آلات ام ماذا؟! لكن مادام المرتب يستحق فلا ضير من ذلك.."
همهم نوح مجيبا. يكره هذه المواضيع، خاصة مناقشتها مع الغرباء. دائما كان يفكر ان العالم سيغدو مكان افضل لو توقف الناس عن التدخل في ما لا يعنيهم، ليس فقط طرح الأسئلة و إنما اعطاء آراءهم كذلك.
مرت اكثر من ثلاث ساعات و الزوار لا يزالون يتوافدون للمنزل، و نوح لا يزال بجانب والده، مضطر للتعامل مع كلامهم المتطفل و بكائهم المصطنع -من وجهة نظره- طيلة فترة تواجدهم.
خلى المنزل جزئيا من الزوار عند العصر إذ انصرفوا إلا قلة قليلة لتلبية الاذان. استغل نوح رجوعه قبل الباقين للمنزل و تسلل لغرفته.
كان حسن كالجثة الهامدة وهو غارق في سباته. تذكر نوح ان المسكين لم يرتح منذ قدومه، انزعج قليلا من أنانيته التي اعمته عن إبصار حال صاحبه.
اخذ لحافه المفضل من الدرج ثم غطاه به بروية شديدة.
~~~~~~~~~~~~~~استيقظ حسن فزعا بعد ان راوده كابوس مقيت لم يعد عليه بالغريب، إذ كان يتردد عليه بين كل فترة و فترة طيلة الستة اشهر الماضية. تفحص بنظرة خاطفة الغرفة من حوله، لا يتذكر هذا المكان، حول بصره للنافذة، كان الليل قد حل بالفعل في الخارج. نهض من السرير مترنحا كمن ضُرب بعمود خشب على ناصيته.
خرج للصالة ليجد نوح جالسا على الأريكة العتيقة وحده يتأمل السقف و في يده حمالة مفاتيح تحوي كومة من المفاتيح.
لاحظ نوح حضور صاحبه و الذي كانت تبدو عليه امارات الحيرة، فقال ممازحا "صح النوم!"
ضيق حسن عينيه قليلا و رسم ابتسامة خفيفة على محياه، لقد عرف اخيرا ما الذي حدث معه.
"لما لم توقظني يا اخي؟!" قالها ثم رمى بنفسه على طرف الأريكة التي يجلس عليها نوح.
"اردت ان اكتسب فيك الاجر" اجاب الآخر متهكماً
"يعجبك الآن؟ لم اقم ايا من فروضي و لم احقق الغاية من مجيئي!!" كان حسن يعرف ان صاحبه لن يرتاح للحديث مع غيره.
أنت تقرأ
زُلال | Clear
Romance"لطالما دعوت ان اكون خفيفة على المحيطين بي، غير مرئية احيانا.. اريد البقاء في حياتهم طالما هم بحاجة إلي ثم الرحيل بعدها بسلام." قصة تحكي عن مرحلة متوترة من حياة 'نوح' الشاب العشريني الذي مرّ توا بمصيبة هزت كيانه، لتظهر فجأة صديقة طفولته 'لُجين' و تع...