٨:جُل السعادة

11 2 0
                                    

تحمل اغراضها في حقيبة قماشية بلون اخضر قاتم لا يمت لأي لون من الالوان التي تلتحف بها بصِلة. لكنها ترفض تغييره، تعتبره اغلى من اغلى الماركات العالمية بالنسبة لها، يمثل لها كل شيء جميل و براق منذ اهداها إياه والدها كهدية عيد مولدها الواحد و العشرين منذ ثلاث سنوات مضت.

وقفت عند الرصيف تنتقي بين سيارات الأجرة العابرة.

"هذا يبدو غريبا.. ذاك يبدو كقاتل متسلسل ..و انت لم ارتح لك.. هااه انت تماما هناك تبدو كشخص مسالم!" قالت لُجين محاورة ذلك الكيان داخلها وهي تحوم بمقلتيها بين السيارات.

اشارت بيدها قائلة "تاكسي!" على السيارة التي قررت بمعاينة خارجية خاطفة انها الأنسب لها. دلفت للسيارة وهي تدعو في اعماقها ان يكون حدسها مصيبا.

قال الرجل دون ان يحول ناظريه إليها "إلى اين إن شاء الله يا اختي؟" عرفت مباشرة بأنها احسنت الاختيار، اجابت وهي تتنفس الصعداء "شارع 'عماد' قبالة المدرسة الابتدائية".

لطالما كانت لُجين على هذا المنهج، منهج القلق المزمن و الشك القاتل. بنسبة لها فإنها تُعْتبر حذرة لا اكثر و لكن ما كان ليتقاسم معها من حولها هذا الرأي إطلاقا.

ثبتت بصرها على النافذة بدون تركيز كعادتها، تفكر في أمور عشوائية قد لا تمت لواقعها بِصلة. افكار مدِرة للضحك احيانا، و للكآبة في كثير من الاحيان الأخرى.

"هذا مقصدك؟" وجه السائق تساؤلا للُجين في غفلة منها مما جعلها تفتح عينيها فجأة كناية عن التفاجئ.

استغرقت ثوان قليلة كي تستوعب كلام الرجل ثم اجابت متداركة "بلى بلى شكرا لك". رمقها الرجل بنظرة تعجبية لكنه لم يزِد عليها. فهمت هي مباشرة سبب تلك النظرة مما غمرها بالإحراج الخام. أخذت تجمع ثمن التوصيلة من حقيبتها و ناولته إياها مسرعة ثم ترجَلت.

~~~~~~

"اهلا اهلا بجُل السعادة!" قالت والدة لُجين وهي تطل برأسها من الشرفة مرحبة برجوع ابنتها الوسطى و الوحيدة.
جذب هذا الترحيب مسامع لُجين وهي تقترب من مدخل المنزل. اجالت ناظريها مباشرة لمصدر الصوت و ابتسامة شاسعة تحتل محياها. اكتفت بالتلويح بكفها لوالدتها كي ترد الأخرى بنفس الحركة و تدير ظهرها منطلقة لاستقبالها بالأسفل.

"لجين اتت.. لجين اتت!!" صرخ اخوها الصغير ذو التسع سنوات 'يزَن' مندفعا إلى حضنها. طوقته لُجين بذراعيها بحنية بالغة، ختمت قبلة حارة على خده المتسخ ببقايا الشوكولا و الاتربة.

"كيف كان يومك الاول في العمل؟" قالت والدة لُجين و هي قادمة من خلف يزن.

"السلام عليكم!" اجابة لُجين بحماس اعتاده افراد اسرتها منها.

امسكت بيد والدتها، قبلتها ثم احتضنتها و اردفت بينما لا يزال رأسها مرتاحا على كتف الأخرى "كان جيدا جدا الحمد لله". حررت نفسها من حضن والدتها الذي لطالما اتخذته مسكننا، ثم اضافت بصوت خافت "لن تصدقي من المسؤول عني في القسم!" ثم وضعت سبابتها على فمها إشارة لوالدتها كي تلتزم الصمت. "اخبرك في ما بعد" اضافت لُجين و ابتسامة طفولية تتخلل أساريرها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 29 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

زُلال | Clearحيث تعيش القصص. اكتشف الآن