P24

76 12 5
                                    

لقائنا الأول.
ليلة شتوية في شوارع بغداد المزدحمة يوم الاربعاء
الساعة 7:33 مساءً
في طريقي الى ذلك المقهى المعتاد الذي اقضي فيه كل ايام الأسبوع عدا يوم الثلاثاء الذي اختلي فيه بعيداً عن ضوضاء الخارج اخترت هذا المقهى بالتحديد لانه من الطراز القديم الذي يجذبني كثيراً وان الهدوء يختلس أرجائه ويتواجد فيه القليل من الناس هذه الساعات احب ساعات المساء لقلبي وانا اسير لذلك المقهى والأفكار تأكلني مستسلمة لنسمات هواء بغدادي المنعش وأخيراً وصلت، كان مزاجي اليوم حاد بعض الشيء
وجدتُ رجلاً يرتدي الاسود مع معطفاً بني اللون يجلس في مكاني المعتاد الذي يكون قريب من جدار الامنيات
وددت لو اني اذهب وأخبره أن هذا المكان لي وتررت وانا احدث نفسي قائلة دعي اليوم يمر على خير
وجدتُ لي مكان بقربه قليلاً وجلست مع كتابي الذي قررت قراته اليوم
موظف المقهى :هل الطلب المعتاد؟
_نعم
بدأت أقرأ وانا انتظر القهوة هذا الهدوء الذي يسود المقهى قريب لقلبي وبعد عدة دقائق تسربت عيناي بصورة غير مباشرة ووجدت ذلك الرجل ذو المعطف البني يكتب بعض الاشياء على جدار الأمنيات
التفت لي قائلاً لماذا تحدقين
_ليس من شأنك
_ابتسم قائلاً انكِ تنظرين الي
أكملت قرائتي دون إجابة
_ماذا تقرأين ؟
_ليس من شأنك
ضحك بصوت متعالي وقال:
_هل أنتِ عبوسة بهذا الشكل دائماً
مشى جالساً على الكرسي المقابل لي
_هل سمح لك أحدًا بالجلوس
_هل انت هنا كل يوم أنني اراك للمرة الأولى
اجبت دون تردد وكأن هناك ثرثرة بداخلي تحتاجُ أن تظهر
_آتي كل يوم ما عدا الثلاثاء
ابتسم متعجباً
_آتي فقط في يوم الثلاثاء
_اليوم اربعاء لماذا انت هنا
_هل ازعجك وجودي
_نوعا ما فأنت اخذت مكاني المفضل وقاطعت عزلتي
_وددت أن أعتذر لك لكن هناك شيئاً بداخلي يرغب ازعاجكِ
_حسننا اتفق الجميع على ازعاجي اذاً
_هل يستطيع احد ازعاجك ياذات الوجه الحسن
_يالك من متناقض
ابتسم قائلاً
_آتي إلى هنا في يوم الثلاثاء عادةً هدوء هذا المكان يعجبني لكن اليوم كنت ماراً من هنا ورغبت بالدخول ربما أراد الله أن يجمع بيننا
_ابتسمت قائلةً ربما أنها المرة الأولى والأخيرة
اجاب بغرور
_عندما اريد ان اراكِ لو كنتِ في السماء سَآتي إليكِ
_انك تحلم ربما
_"ان كانت الاحلام جميلة بقدر عينيكِ فَهنيأً لي "

انتهى ذلك اليوم الذي دبره القدر لنا لكي يجعلني التقي بشريك ايامي السعيدة ربما كنت اكره الرجال ولستُ جيدة الطباع في كل مرة تلاطف فيها معي الأشخاص ولم احلم بلقاء كهذا حتى اني لم أكن اؤمن بالحب الى تلك اللحظة التي جعلتني احب يوم الأربعاء وذلك المقهى والقهوة التي ارتشفناها معاً احب بغداد وذلك اليوم الممطر والصدفة التي جمعت بيننا وعيناه .
سحَر ال عمر

لِقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن