Part 04: طرف خيط

11 4 0
                                    

فتحت عيناي لأجد نفسي في المشفى...وأنبوب المصل متصل بذراعي... نهضت من مكاني بصعوبة... دخلت للحمام ونظرت للمرآة... كانت آثار الخدوش الناجمة عن إنزلاقي بالدراجة النارية كثيرة جدا... وأظن أنني أصبت رأسي لأن الضمادة ملفوفة عليه... حجم الخسائر البشرية ليس كبيرا... لكن بالنسبة للمادية... فهذا ما سأعرفه الآن.

دخل عليّ "سيف" بوجه عابس كأنه يعاتبني على فعلتي.

« لما تنظر إليّ هكذا!... لم يكن بيدي »
« أتعلم!... الكلام لم يعد ينفع معك... أظن أنني سألجأ لطرق أخرى »
« لا تكن سخيفا... أخبرني ما حال حبيبتي!! »
« ألديك حبيبة!! »
« "تيماكس"... الدراجة يا غبي »
« حسنا فهمت... يأسفني أن أخبرك أنك فقدت حبيبتك... تهشمت إلى قطع صغيرة... ولم يتبقى منها إلا العجلات... منفجرة طبعا »
« حلال عليك... لا تعرف إلا جلب الأخبار السيئة»

لم أنتظر إلى الغد كي أخرج... وبصراحة لم يبقى لي ما أسترجعه... هاتفي و ساعتي اليدوية تحطما وأصبحتا فتاتا.

« من الجيد أنك أحضرت ثيابي يا"سيف" »
« تذكرت... سألتني عنك إمرأة كبيرة قليلا... أظن أن إسمها "آمنة" »
« الخالة "آمنة"... ألم يعلموك إحترام الكبير... هذه جارتي... وأم "رهام"... أتذكرها! »
« كيف لي ألا أذكرها... أتعلم!... يجب عليك أن تحدث أمها... يعني... تمهيدا لما هو قادم... أتفهم! »
« أريد أن أخبرك شيئا »
« نعم تفضل »
« لا تدخلني في قصصك الغرامية... أطلب مني أي شيء إلا هذا... دفن جثة قتلتها... تهريب مخدرات... أي شيء... إلا هذا »

خرجت من الغرفة... وتوجهت لدفع فاتورة العلاج... لا أفهم لما كل ما تسبقه كلمة "فاتورة" يصيبني بالشلل الدماغي... ياليت هناك فاتورة للكلام... لما عانيت من ثرثرة "سيف" عن ذات النمش... ولن يسكت حتى يقنعني بفعل ما يطلبه... وهذا طبعا مستحيل.

أصرّ "سيف" على البقاء في بيتي كي يطمئن عليّ... أو بالأحرى... ليلتقي ب"رهام" صباحا...
يبدو أنه لم يسمع أن زيارة المريض قصيرة... عليه إذا تحمل صوت الموسيقى المرتفع ليلا.

إخترت له أكثر معزوفة تعجبني... إسمها "ضوء القمر" وهي ل"لودفيغ فان بيتهوفن"... المسكين لم يستطع النوم في تلك الليلة... أظنه متعودا على الهدوء و الراحة في سريره... من أجبره على البقاء هنا!... لا أحد.

في الصباح... كانت عيناه منتفختان من فرط النعاس... من الواضح أنه لم ينم جيدا... ومن سوء حظه ينتظره عمل كثير اليوم.

« تبا لك... لما أشعلت تلك الموسيقى اللعينة ليلا!! »
« لا تنسى أن هذا بيتي وأفعل فيه ما أشاء »
« حسنا... أعدك أنني لن آتي إليه ثانية... ولا تحاول... »
« أتظنني سأحزن وأترجاك كي تعود لزيارتي!!... في أحلامك... وأعدك أنني لن أستقبلك ثانية... صوت شخيرك أكثر إزعاجا من نهيق الحمار... والآن... ماذا قررت... هل ستساعدني!! »
« لملاحظتك... الشخير حالة صحية خاصة... وليس بيدي فعل شيء حيالها... أما بالنسبة للأمر الثاني... لا... بالتأكيد لن أترك صديقي وحده »

"الضائع" | The lost   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن