Part 09: أريذيا البيضاء

9 4 0
                                    

الحياة... أشبه بشبكة عنكبوت... خيوطها الرقيقة بمثابة تشابك لطرقات يسلكها البشر... جميعها مختلفة... لا تتشابه في شيء... طريق سهل وآخر صعب أو مقطوع تماما... إلّا أنها تلتقي في نقطة واحدة... تدعى "الموت".

.

لاحت إلى بصرهما نهاية الغابة بعد يوم كامل من السير... لم يكن الطريق الذي سلكاه وعرا... بل بالعكس تماما... كان مستويا على طول الغابة... رغم أن المسافة التي قطعاها لم تكن بالهيِّنة... إلّا أنهما لم يلقيا الكثير من المتاعب...

و الأهم من ذلك... أن معالم المقاطعة بدأت تظهر أمامهما... بدى كل شيء رائعا من بعيد... لا جنود ولا حرس يراقبون الحدود مع الغابة...

لكن... ما يثير الإستغراب... هو أن لا أحد من سكان هذه المنطقة يخرج بإتجاه الأشجار الكثيفة هناك... حتى أنهم لا يلتفتون إليها إطلاقا... وكأنهم عاجزون عن رؤيتها...

بعد أن دخلا المقاطعة... شَعَرَا بإضطراب وألم فضيع في عينيهما... لكن لم يطل الأمر كثيرا... فقد عادا لطبيعتهما بعد دقائق قليلة من ذلك...

"الغابة... إختفت!!..."

قالها "سيف" بذهول وهو يحدِّق في ذاك الجدار الجليدي الذي حلّ محلّ الغابة... ومن الواضح أنّ هذا هو السّبب الرئيسي في عدم خروج أهل المنطقة من هنا ... لكن هذا لم يُفاجِأ "غدير" فقد أكملت سيرها في أرجاء هذه المدينة الجميلة التي تعرج بالحركة و الصّخب...

ما يلفت الإنتباه فيها هو إصطفاف المنازل و تشابهها في الشكل و اللون... كلّها مطلية باللّون القرميزي الرّائع... وفي كلّ نافذة منها يتواجد إصيص من الأزهار و الورود... ما يميِّزها وجود 3 أنواع منها فقط... جميعها بألوان النّار... الأحمر.. الأصفر.. والبرتقالي...

أما السكان... فقد يبدون لك في البداية كالتوائِم... لن تجد بينهم فردا واحدا غير أصهب... الجميع هنا ذوي شعر أحمر... إلا "سيف" و "غدير" طبعا... وهذا ما جذب أعين المارِّين نحوهما...

أما الأهم من كل هذا... فهو الظلام الذِّي يحل بالمدينة... رغم أنه من المفترض أن يكون قد حل الصباح... خاصة وأن الغابة قد أشرقت فيها شمس الصباح منذ ساعات قليلة ...
لكن جميع من بالمدينة يبدون معتادين على هذا... غريب... تبدو كاللعنة تحرمهم من أشعّة الشمس الدافئة...

"ماذا الآن... أين سنذهب!!..."

أردف "سيف" بإزدراء و ملل... وهو يقلب بصره يمينا و شمالا... يبحث عن أي شيء يثير إهتمامه... بينما أجابته "غدير" بسخرية غير معتادة:

"ألم يعجبك الجحيم الأحمر!!... لا تريد البقاء هنا لآخر عمرك صحيح!!... أم أنك خائف من التنمر يا أسمر... "

"الضائع" | The lost   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن