«الفَصْلُ الأَوَّلُ»

442 27 54
                                    





يوم الإثنين، الذي يوافق الخامس من ديسمبر هذا العام، لا أعلم لماذا وُلِدَ الإنسان؟ وما أعنيه تحديدًا هو: من قد يعرف لماذا وُلِدَت فتاةٌ مثلي؟ فتاةٌ لم تحصل قط على ما أرادته، لكنها ترى أمنياتها التي تحلم بأن تحققها تتحقق لكل من حولها، ويعتبرونها حقوقًا.

أمنياتي وحقوقهم... ما أبشع أن ترى أمنياتك التي تأمل أن تعيشها  في الجنة أحدهم يعتبرها شيئًا تافهًا، نعمةً لا تُشكر.

صراخٌ قادمٌ من غرفة والديَّ، يا له من صباحٍ مشرق! أعني، كالمعتاد.
غفوتُ قليلًا وأنا أفكر لماذا وُلِدْتُ لأفتح عينيَّ مغصوبةً على الحياة؟ يا لها من حياة! تجبرك على ما لا ترغب، أكان سيفرق الأمر لو لم يكن هذان والديّ؟ أكنت سأعيش؟

نهضتُ بتململٍ من الأرض، كنتُ أحدق بالسقف منذ أن استيقظت، كانت لحظةً مسالمةً هادئة، أشتقتُ إليها.

غسلتُ وجهي جيدًا ثم ارتديتُ الزي المدرسي الرسمي، زيٌ بشعٌ يتكون من تنورةٍ أعلى الركبة باللون الأزرق الفاقع، وقميصٍ واسعٍ باللون الأبيض، بشعٌ بشعٌ جدًا.

غسلتُ أسناني بالفرشاة والمعجون ثم حملتُ حقيبتي، نفسٌ عميق.
يجب عليَّ أن أمرَّ بغرفة المعيشة كي أتمكن من الخروج من الشقة، صوت والديَّ يرتفع، على الأغلب قد انتقل حديثهما (شجارهما) إلى غرفة المعيشة. وضعتُ سماعاتي عالية الصوت على أذنيَّ، وشغلتُ موسيقى الروك، رغم أنها ليست تفضيلي الشخصي، لكنها تساعدني على عدم الاستماع إلى ما يقولونه من هراء، ولكي لا أستمع لهراء دماغي أيضًا.

مررتُ من منتصف المعيشة، وقد اختلط صراخهم مع موسيقى الروك، مما جعل الموسيقى تبدو أكثر صخبًا، لكنه منظرٌ مريحٌ أن تراهم غاضبين وكادوا أن يمزقوا بعضهم إربًا.
أتمنى لهم كل شيء أغرقوني به.

خرجتُ من الشقة وأغلقتُ الباب خلفي، وغالبًا قد أغلقته بصوتٍ عالٍ لأنني لم أعد أستشعر الأصوات، نزلتُ من الدرج أُدندن مع الأغنية الصاخبة والراب السريع، قد نسيتُ شيئًا في الواقع...

نسيتُ أن أُمشط شعري.. مسدتُ عليه كي يكون أكثر انتظامًا، لكن لا فائدة لشعري المجعد. كل ما سأقوله هو تبًا! تنهدتُ، امتلاك شعرٍ مجعدٍ داكن هو الأكثر إرهاقًا في الحياة.

كان هناك عمودٌ، لكنه لامعٌ بما يكفي لاستخدامه كمرآة. شكل شعري ليس سيئًا جدًا، هو غير قابلٍ للتجديل. أأحاول ربطه؟ سيبدو سيئًا حقًا.

ربطته للأعلى على شكل كعكةٍ، أصبحت بشكلٍ فوضويٍّ بائس، لكن هذا أفضل ما أستطيع فعله الآن. بعض الخصلات خرجت عن الترتيب الذي وضعته به، قلبتُ عينيَّ بانزعاجٍ ثم أكملتُ المشي، سأذهب مشيًا نحو محطة الحافلات.

هي قريبةٌ، ها هي هنا، لم أتأخر على الحافلة، مرحى مرحى. دفعتُ للحافلة عبر البطاقة ثم وقفتُ بمنتصف الحافلة ممسكةً بالمسند المنسدل من السقف، الحافلة مزدحمةٌ بالأولاد، يا للقرف.

مَـالـيِـسْـتــوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن