«الفَصْلُ الثَّالِثُ»

138 20 104
                                    



بشريّة؟ هل أناداني بهذه الطّريقة الغريبة للتوّ؟ بشريّة؟ يا له من مغفل. رفع الشخص الغريب الجاثي أمامي حاجبيه متعجبًا لثوانٍ، ثمّ عادت ملامحه هادئة أغمض عينيه كأنه يهدّئ نفسه ثمّ قال:

«كيف تسلّلتِ إلى هنا؟»
سألني، وما الذي تعنيه بـ "هنا" تحديدًا؟ أهذه الجنّة وقد توفيتُ عن طريق الخطأ؟ عقد حاجبيه حالما سمع سؤالي، ثمّ رفع حاجبه الأيمن بخفّة وأمال رأسه نحو اليسار.

«أهذا ما تعتقدينه؟» سأل مجددًا.
لم أجب، بل نظرتُ حولي. حسنًا، هذا المكان لا يشبه أيّ مكان قد يكون واقعيًا،أنا جالسة في منتصف نهر، نهر مياهه ذهبية اللون، تحيط بي أشجار عمودية يصل طولها إلى مئات الأمتار بالتأكيد.

« أين أنا بحقّ البطاطس؟»  قلتُ بصوتٍ منخفض هذا المكان لا يشبه الأرض، وهذا يعني أنني مُت، تنهد الشخص الغريب ثمّ نهض من مكانه. كان طويل القامة وضخم البنية، ووجهه موجه نحو الأسفل نحوي:

«أنتِ داخل حدود المملكة العظمى» أجابني

«مملكة عظمى؟ أأنا في بريطانيا؟ »
منذ متى كانت بريطانيا مملكة عظمى؟ هراء، لقد قتلوا الأميرة ديانا واستبدلوها بالساحرة الشمطاء. أيُّ مملكة عظمى هذه؟ هذه مملكة سفلى، نظر الرجل الغريب إليّ مجددًا، ثمّ ارتفعت زوايا فمه بابتسامة صغيرة جدًا.

«انهضي يا بشريّة.»
«مجددًا؟» عقدتُ حاجباي ونهضتُ بإندفاع. «أنتِ أيضًا بشريّ. »

قلتُ له الحقيقة وتبع قولي شهقات مصدومة، لألحظ وجود مخلوقات لم أرها حتى في كوابيسي. أمسكتُ بكم الشخص الغريب واختبأت خلفه، وضربات قلبي الخائفة كادت أن تثقب صدري.
«ما بكِ؟» سألني بهدوء.
«ألم ترَ ما رأيت؟» أجبتُ على سؤاله بسؤالٍ آخر.

«لا شيء هنا» . أجابني بالنفي.
«ما هذا المكان الغريب؟» أين جرفني البحر؟ أهذه جزيرة ما؟ مهلًا! أهذه جزيرة آكلي لحوم البشر؟
«لستِ في أيّ جزيرة غريبة الأطوار. أنتِ هنا في المملكة العظمى.» صحح لي

«لا تكذب، أنت لا تبدو كشخصٍ بريطاني حتى، لكنتك لا تبدو بريطانية.»

«نحن لسنا في بريطانيا، أنتِ في المملكة الحاكمة للعوالم السبعة» عقدتُ حاجبي
وتركتُ كمه أنظر إليه.

«ما هذا بحقّ الجزر المسلوق؟ أين تكون هذه المملكة؟ هل هي قريبة من فلوريدا؟»
هذه عواقب إهمال درس الجغرافيا، عقد الشخص الغريب حاجبيه،
ثمّ رفع رأسه نحو الأعلى وابتسم كأنه يحدث السماء:

«اتبِعيني، بشريّة.»
عقدتُ حاجباي على أمره لي هذا مكانٌ غيرُ مألوفٍ لي، لكني على الرغم من هذا أشعر بالألفة، لكن ليس مع هذا الشخص، إنه غريب الأطوار وطويل القامة وغريب العينين.

«أهذه عدسات لاصقة؟» سألته بلا خجل. كنتُ أقول ذلك لنفسي، لا علم لي لماذا أصبح لسؤالي صدى ،عقد حاجباه بالمقابل وهزَّ رأسه:
«الحقيني.» قال ومشى، هذه المرة لم يكن لدي خيار آخر سوى اتباع خطاه، لكن خطوة تلو خطوة يصبح هذا المكان أغرب فأغرب.

مَـالـيِـسْـتــوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن