«الفَصْلُ الخَامِسُ»

123 16 91
                                    



«بشرية؟» أمرني مجددًا، فتنهَّدتُ وخطوتُ اتجاهه خطوتين هذا أقرب ما يمكنني الاقتراب منه لأنني على وشك الدخول في حدود منطقة عرشه.

شعرتُ بنظرات حادة تُرمقني، فنظرتُ ورائي، وإذ بي أجد المرأة الغريبة ترشقني بنظراتها. عقدتُ حاجبيّ، وأبديتُ نظرة مواجهة لها.

نهض الملك من على عرشه المزخرف ثم تقدم نحوي، ممسكًا معصمي بكلٍّ من سبابته وإبهامه، ومُرتديًا قفازات طبية بيضاء اللون تتناقض مع ألوان ملابسه.

عقدتُ حاجبيّ على طريقة إمساكه بمعصمي. لماذا يلمسني منذ الأساس؟ ماليكا لا تحتاج إلى أن يرشدها أحد، فهي فتاة واعية وبالغة!

رفع الملك رأسه قائلًا بصوت مرتفع بعض الشيء:
«انتهى الاجتماع الملكي رقم مليون وثلاثمائة ألف واثنان وخمسون
توجهوا إلى أمفيبولوس، فقط من أُذِنَ لهم.»
وضح الملك أوامره بنبرة حادة وكأنه يتحدى أن يعصيه أحد.

أمفيبولوس؟ لابد أنها غرفة الإعدام. أشعر بالتشاؤم من الأسماء التي تنتهي بحرف السين أو حتى تحتوي على حرف السين. اسم أبي هو مارس أوبرين، وجمد الدم في عروقي عندما فكرتُ به. نسج مخي ذكرى له، ويا لها من ذكرى..

في عالم آخر، لا أعلم من أكون أو حتى ما هو مصيري. أسيقتلونني أم يطلقون سراحي؟ أخاف أبي أكثر من كل هذا، أخاف إن وجدني، أخاف العودة، وأخاف البقاء.

أين يُلقي التائهون أجسادهم؟ أي منحدر سيرضى بأجسادهم المذنبة؟

«بشرية»، جفلتُ من نداء الملك لي. كان يحدق بي بعينين ذهبيتين. نظرتُ إليه، فأدرك هو أنني بكامل تركيزي، فأكمل:
«لا تجرئي على الشرود بأفكاركِ وأنتِ بجانبي.»
صرّح بذلك، وعقدتُ حاجبيّ، لكن لم يتسنَّ لي التحدث
حتى سحب رسغي بأصبعاه وجعلني أمشي بجانبه.

لا أعلم حتى إلى أين يأخذني وما الذي ينتظرني هناك. تنهدتُ، أمسكُ بقبضتي قماش فستاني كي أرفعه عن الأرض، لا أريد أن ينتهي بي الأمر متعثرة كسيجارة على هذا السجاد الأحمر.

في الرواق الطويل، مشينا نحو الاتجاه المعاكس، الجزء الذي لم أمشِ فيه من قبل. حدقتُ بما حولي متناسيةً عن الذي يجرني بجانبه أكثر كلما خطى. رداءه الأسود الطويل المصنوع من الفرو الأسود والمزين بالمجوهرات يُجرّ على الأرض وكأنه شيء عادي.

هذا الشيء يكلف ميزانية دولة كاملة في عالمي. هو يمشي بأكتافه العريضة وكأنه ملك العالم. يا له من مغرور مُسرف!

تناسقت هذه الجهة مع باقي القصر في التنسيق والتزيين، باستثناء غرفة حجزي، لم أَرَ أي ألوان أخرى سوى الأحمر والأسود. لوحات مرعبة تزين الحائط مجددًا.

وتحف أثرية غريبة أكثر. حيوانات كثيرة تم تحنيطها ووضعها كتزيين لزاوية ما. ربما يريدون تحنيط حيوان إضافي إلى هذه المجموعة. أنا...

مَـالـيِـسْـتــوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن