الفصل الأول: مقدمة.

274 35 20
                                    


حل فصل الخريف ليحل معه الهدوء وبرودة أمسياتِه بعد أيام حافلة مليئة بالأحداث، كان كل خبير مُنغمس في أعماله ومشاغله الخاصّة؛ فمنهم من كان ينهي ما تعلّقت عليه من أعمال، وهناك من كان يلهو في الأرجاء ويتجول في قاعات القصر الفسيحة…كرايليانا مثلًا، فبدلًا من إنهاء أعمالها المعلّقة؛ قررت الفتاة خلع نظارتها المستديرة ووضعها جانبًا لتتمتع بوجبتها الخفيفة وسط قاعة الاستراحة ضاربة بكل قوانين القصر عرض الحائط.

لم تدُم لحظات هدوئها هذه كثيرًا، حيث قاطع لحظاتها السعيدة دخول سيريوس الذي اقتحم المكان كإعصار مقطبًا حاجبيه، تصنمت الفتاة تعتقد أنه هنا لتوبيخها، لكن كميّة القلق كانت في وجهه أكثر من الغضب هذه المرّة… ومن المؤكّد أن ما لديه ليس خيرًا.

صرخ في الفتاة المسكينة بعد ما لمح وجودها في الغرفة بجدية قائلاً: «رايليانا! من الجيد أن أحدهم هنا، اجمعي باقي الفريق حالًا!» 

ابتلعت رايليانا ما في جوفها ثمّ أومأت دون زيادة كلمة أخرى؛ فسيريوس لا يدخل بهذا الشكل العنيف إلا لو كانت هناك كارثة في الطريق. لم تتأخر الفتاة في قرع جرس الطوارئ؛ ليخرج الجميع كلًّا من حجره متجمعين وسط القاعة.

كانت القاعة كبيرة، تحتل أحد جدرانها مدفأة عتيقة الطراز وعلى جهتيها أرفف مثبّتة في الجدران حملت بعض الكتب وتحف الزينة، بينما في جدارها الشرقي نوافذ عملاقة أغلقت بإحكامٍ لمنع الهواء من التسلل للداخل، وانتشر في الغرفة ضوء أبيض يميل للصفرة مصدره الثريات المعلقة في السقف.

توزّع البعض على المقاعد بينما جلس البعض الآخر على الأرض… أما سيريوس نفسه فكان يأكله القلق لدرجة أنه آثر السير جيئة وذهابًا على أي شيء آخر.

بعد أن تأكد سيريوس من وجود الجميع، نطق قائلًا: «لدّي خبرين لكم...» 

قاطعته ڤولانس وهي تريح ذقنها على يدها وبالأخرى تعبث بخصلة من شعرها: «ابدأ بالخبر الجيّد أرجوك.» لينظر لها سيريوس بطرف عينه قبل أن يجيبها: «عزيزتي، نحن لسنا في فيلم هنا! كلا الخبرين سيئين.» 

صمت الجميع بعد ما استشعروا الجديّة في جملته الأخيرة، ليزفر نفسه ثم يضيف قائلًا: «بحوث كايوس كانت صحيحة، لدينا كويكب اقترب من الاصطدام بنا.» 

رفع كايوس يده بنصر، بينما قالت ڤولانس معقبة: «أعتقد أنك بدأت بأسوأ الخبرين، مالخبر الثاني؟» 

«الخبر الثاني أن مصيرنا سيتعلق بثلاثة مبدعين سيعملون على منع الاصطدام بمساعدة حارس البوابة...» 

ارتفعت أصوات باقي الفريق كالنحل يتساءلون حول هوية هؤلاء الثلاثة، ولا أحدَ يشكُّ في أنَّ سيريوس حددهم قبل الاجتماع!

قاطعهم من اللا مكان صوتُ فرقعةٍ سكت الجميع على إثره، ثم استأنف سيريوس كلامه: «ميدوسا، ڤايبر، ورايليانا، أعتقد أن موعد عقابكنّ لتصرفكنّ الأخير قد حان، اتبعوني للقاعة النجميّة حالًا، والباقين عليكم مساعدة كايوس في مراقبة الكويكب... كايوس لا أريد أن أراك غارقًا في أفكارك! أنت المسؤول عليهم في مراقبة هذا الكويكب هنا.» ثم خرج سيريوس، وبقيت الفتيات الثلاث تحاولن استيعاب الكارثة التي هنّ على وشك الخوض فيها.

نوازل الخيالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن