حلزون: العودة

20 4 9
                                    

بُعِثَت كريمة كَرّةً جديدة، ولكن هذه المرة بحقيبةٍ رياضية حُشِيَت بمُساعَدةٍ لتنفيذ خطة تهريب الامبراطورة. بعدها حان موعد الغداء، فالتفّ أفراد العائلة الامبراطوريّة حول مائدةٍ مستديرةٍ تسَعُ ثمانية مقاعد، وما هم إلا خمسةُ أنفارٍ نقصوا فردَين.

إنّ أحدًا منهم ليس مقربًا من الآخر، لذا هم متباعدون كاتِمون يبغي الفَردُ أن يشبع فيهجُر المائدة. وهوَ لحالُ النبيل الشابّ إذ قامَ مُرجِعًا الكرسيّ أُهبَةَ الرحيل، فاستوقفتهُ النبيلةُ متدخّلةً: لم تأكل شيئًا.

-دعيه.
أطلقَ جُود كمن يرجو إقفال أمرٍ قبل بدئه، فتركت الحاصل حاضرًا واستطردت: أخي، إن كنتَ مستاءً بسبب جدالنا اليوم، فأتمنى أن تنساه ولا تأخذه على محملٍ شخصيّ.

-كلا.
نفى وما زال يركّز في طعامه.

ألقت نظرةً للواقف ثم سألت أخاها بهدوء: إذًا ما بك؟

-أسَتَصدُقين؟
-بالطبع.

واجهها فأعرب: إلامَ تسعَين بنبشِ غرفتي يا هَدَب؟

-لم أنبشها.
ردّت واثقةً صلداء.

-إن كنتِ محقّة، ماذا فعلَ ملفّي في مكتبكِ؟
بينما فهمَ الأصغر هي شُدِهَت تعصرُ ذاكرتها.

-لم أطأ جناحك.

ذكرَ إرَم: الملفّ الأصفر يا عمتي.

-لكنّه كان عندك لا لدى عمّك!

-لمَ أخذتهِ وهو عندَ إرَم؟
لادَّ جُود مجددًا، فغيّرت المحور: بل لمَ يأخذ الملفّ منك دون علمك؟

-هو يفعل ما يشاء، أما أنتِ فلا يحق لك اقتحام أجنحتنا!
-لكن كيف عرفت بأن الملف معي؟ هذا يعني أنك اقتحمتَ جناحي بدورك فما غرضك؟
-وما غرضكِ أنتِ؟

سكتا في نفس الوقت، من صالح كليهما أن يتوقف الشجار حتى هذا الحدّ فإنّ أيًا منهما لا يودّ الإفصاح. عندها فُتِحَ الباب فتجاهلوهُ ظنًا بأنه أحد الخدم، غير أنهم كانوا أربعة أشخاص يرتدون زيًا موحدًا أزرق يخصّ عمّال التصليح الامبراطوريّين، ويرأسهم فتًى ذو قبّعةٍ زرقاءَ ليليّة، فيا لغرابة دخوليّتهم الفاجعة في توقيتٍ مثل هذا.

استهجنَ كحليّ الثَوب عاقدًا حاجبيه قمعًا للسخط: ما هذه الوقاحة؟

-هل أزعجك، سموّ النبيل؟
ألِفَ هو وأختهُ الصوتَ والنبرة، وفُقِرَ الاثنان فلم ينتبها لكَون النبيل الثالث جامدًا لم تغشاهُ القَتَرة، فأوبقَ الشكَّ نزعُ القائلِ القبّعةَ، وهارَ الشعرُ الطويل من أسفله. أثخَنت قرمزيّتاها الأعيُن عندَ إشعاعهما، وملكَت النسائم بمجرد المرور، فاقشعرّ بدَنُ كريمة التي تتفرّج متخفّية.
تلك خطةُ إرَم، إذ طلب من الحرَس إدخالهم بلا استجواب على أنهم عمالة التصليح.

همسَت هدَب رَوعًا «الامبراطورة!»

-

ملأَ رجال الأمنِ القلعة وباشروا باحثينَ عن الجاني الذي هاجمَ ياقوت، فتسرّبت القضية إلى الصحف والأخبار، وتهافتَت التساؤلات حول مكان الامبراطور الآن، فلَم تدع هيَ مجالًا لاستمرار الأقاويل إذ شَهِدَت زورًا أنه سافرَ لأجل عملٍ عاجل مع رئيس دولة أخرى، ومع ذلك استمرت الإشاعات بالتكاثر وتحوّلت إلى قضية رأي عام.

يأتيكم ما في اليمّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن