سيِمفُونية ضَوءْ القّمر :Part01

2.3K 104 30
                                    

رِسَالة لك:
اذا لم اخرج بأمان من هذه الحرب اعزفي لروحي قداس الموت.

***********

ايطاليا وتحديداً -روما-

صَدى صوت المعزوفة ملأ المكان و انعكس ضوء القمر على النافذة الزجاجية المتواجدة في السقف مخترقاً بنوره الزجاج و ارتسم بدراً متوهجاً على طاولة البيانو ،في المكان الشاسع والذي خيّم عليه الهدوء من صوت البشر ترددت تلك السيمفونية في ارجاءه حاملةً معها كمّاً وطائلاً من المشاعر الثقيلة الضارية كما لو انَها تُشعل نيراناً مُلتهبة في كُل مرة تَضغط اصابِعها على المَفاتيح.

عبّرت عن الحزن واليأس والغضب فكانت اصابعها النحيلة تدّق المفاتيح و تُشعل شرارات التفكير لعقلها المضطرب ،كانت تتهاوى بين الشك واليقين فوجدت نفسها مضطرة للتنقيب والاستمرار حتى يُمكنها اتخاذ خطوة جديدة.

صوت خطوَات اختلط مع الموسيقى المسموعة و شخص اتكئ على الحائط يُراقبها بصمت دون ان يقاطع اندماجها ووقتها المفضل ،بعد عدة دقائق مررت اصابِعها على المفاتيح الأخيرة و توقفت بعد ان اصدرت صوتاً ثقيلاً مُعبراً عن نهاية طريق ذلك اليأس والحُزن.

رَفعت انظارها اليه حيثُ تقدم بخطواته الهادئة منها و هي اغلقت غطاء البيانو و تحدثت بهدوء عكس مشاعرها الفائضة التي كانت تعصِفها كورقة شجر تترنح اين ما اخذتها الرياح وعكس افكارها التي تُشعرها كما لو انها وحيدة في قاع المحيط، في ظلمات و خوف داخل قوقعة ضخمة منغمرة في الماء.

-" ما الأمر ايدان"
لم يُجيبها على الفور ووضع يداه في جيوب بنطاله بينما حدّقتيه الحادة لم تخفى عنها ،رُغم علمها بالسبب الذي جلبه الى هنا الا انها لم تجرؤ على ان تبادر وتتحدث بما يريد سماعه و صمته كان فرصة لها لتخبره بالأمر الذي تخفيه عنه لكنها عضّت شفتيها كما تفعل في كل مرة يأكلها التفكير و اختارت الصَمت رفيقها رغم انه لن ينفَع معه.

حرَكت اصابعها على غِطاء البيانو كما لو كانت تُبعد ذرّات غبار وهمية و ادارت جسدها عنه لكن هذه المرة يده اوقفتها و صوته الهادئ خرج من جَوفه بنبرة تكاد تكون كمُكعب ثلج صاقِع.

-"لدي سؤال واحد فقط و سوف تجيبين بكلمة لا غير، اما نعم او لا"

احتدت نبرته اكثر اثناء تحدُثه مما جعلها تبتلع جوفها ،هي َتخسر امامه دائماً و تستسلم لرجاوته لها بالابتعاد عن الخطر و يحاول بكل جُهده حمايتها ولا يسمح لأي مكروه ان يصيبها ،يجِن جنونه لو لفحها الهواء فما كان منها الا ان تسايِره دائماً لكن ليس بعد الأن ، لم يعد بإمكانها الاختباء خلف الظلال و مزاولة عملها بينما تخفي عنه انها تسير في مستنقعات الجحيم بالفعل.

مـلكة على عرشهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن