٧| أغارثا

94 16 8
                                    


-


لقد كُنت أقف مَذهولة، بالطبع سوف أشعر بالذهول لقد كُنت فقط تلك الطفلة ذات السنة الثامنة من عمرها ترى ذلك المنزل الكبير يلتهب بالنِيران أمام عَينها التي أصبحت مُشعة بِسبب أنعكاس النيران الكبير.. وبِسبب عَينيها الصفراء التي أتخذت لوناً مِثل أشعة الشمس نتيجة أندماج لون عينيها مع الكارثة التي تحدث أمامها.

بِشعرها الأسود الطويل، بِقامتها القصيرة وحجمها الصغير تَمسك لُعبتها مُرتدية فستاناً أبيض من القماش الخفيف جاعلاً منها تشبه الملائكة بِهيئتها الصغيرة، عدى أنها لم تكن حتى قريبة من مَقام الملائكة، هي حتى لم تكن بين أشجار الغابة الخضراء لكي يكتمل وصفها بأنها ملاك في النعيم بين أشجار الجنة..

لقد كانت ملاك بين النيران، الحِطام، الرَماد والصراخ، ذلك الصراخ الذي كانت تسمعه من الناس في منزلها وهو يخرج بِألم من بين ثنايا الأبواب والنوافذ المُشتعلة بِتلك النيران الحارقة، ذلك الصراخ الذي لم تكن تستطيع تمييز أي صرخةٍ تمد لها بالصلة، لقد كانت تتسائل أيّ تلك الصرخات هي صرخة والديها، أي صوت مُتألم هو صرخة أُمّها التي كانت تتضاحك معها عصر اليوم وهما يتراكضان في ممرات المنزل بِكل حيوية ومَشاعر مُتلهفة بالحنين.

لقد كانت واقفة وكأنها تنظر لمسرحية من المسرحيات التي كانت تصطحب إليها من قِبَل والديها، كان من المفترض أن تبكي، أو تهرب، أو تصرخ بالنجدة، لكنها كانت فقط واقفة بِعينيها المُتسعة بِصدمة وتشعر إن رأسها الصغير يسترجع ذكرياتها مع والديها وكأن هذه المرة هي آخر مرة سوف تتذكرهما بها، لم تذرف دمعة واحدة، لقد كانت تقف بِجمود بِلا حراك وتستقطب الأنفاس بِبطئ شديد.

أنجذب رأسها يستدير بِخفة لصوت الأقدام الراكِضة بِجانبها بينما عينيها كانت مُعلقة على تِلك الفاجعة أمامها، نظرت أخيراً إلى المكان الذي كان رأسها مُتجهاً إليه حينما توقف صوت الأقدام بِجانبها، تقدمت مِنها تِلك الفتاة البالغة حتى أُجبِرت تلك الصغيرة على رفع رأسها بِسبب طول قامتها.

شعر أحمَر طويل تخرج أطرافه مِن ذلك الرداء الذي ترتديه، أعيُّن خضراء ونظرة هادئة لا علاقةً لها بالصرخات التي تحيط بالمكان، نظرت الصغيرة بين صاحبة الشعر الأحمر وبين المنزل المُشتعل، ثم عادت تنظر لها، "يبدو أن عدد عائلتكِ قد قلّ بالفعل أيتها الصغيرة."، نظرة واحدة مُظلمة، والفتاة ما زالت تنظر لها بِالنظرة المصدومة ذاتها، جثيَت حمراء الشعر على ركبة واحدة ونظرت لوجه الصغيرة لعدة ثوان ثم أختصرت، "سوف نذهب هيا."، أستقامت وبدأت السير وتوقعت أن تتبعها تِلك الهيئة الطفولية وتستنجد بها لكن توقفت ونظرت لها عندما رأتها مُتوقفة بمكانها وتشير بِيدها إلى المنزل.

وكأنها تقول أنا قد تركت شيئاً يخصني بِذلك المنزل، لقد تركت أبويها، قلبها، طفولتها وبرائتِها، "أعلم يا صغيرة والديكِ قد ماتا بالفعل لذا هيا لِنذهب."، قالت تِلك البالغة وكأنها تتحدث مع شخصٍ بالغ، ليس طفلة في أوّج صدمتها، "ماذا يعني ذلِك؟"، نطقت الصغيرة ولأول مرةٍ بِصوت ناعِم قد كسر ما كانَت تفكر به حمراء الشعر، رفعت رأسها للسماء وقد تمتمت بِشيء بينها وبين ذلك الدخان المحيط بهما، أعادت رأسها إلى مكانه ونظرت لها من الأعلى بِنظرة أخرى مُظلمة، "هذا يعني أنهما ذهبا إلى مكانٍ لن يعودا مِنه أبداً."، نظرت الصغيرة لِلأرض بِأعين فارغة من الحياة، نظرت لها لثوانٍ ثم رفعت رأسها، وبِلا أي مُقدمات بدأت بالسير محاولةً الدخول إلى المنزل.

أحمـَـر || REDWhere stories live. Discover now