3

712 32 279
                                    








إثبات وجودك بالتعليق يجعلني أستمر لذا لا تنسى التعليق˖°
————————









~ مِن ذكريات سيزَر ~


بعد أن إنتهَى اليوم الدّراسي لليَوم في قربِ الغُروب، إكتضّ الطّلاب بداخلِ حافلةِ المَدرسة و جميعُهم يرتدونَ معاطفٍ و أوشحةٍ ثقيلة فلقَد كانَ الجوّ قارِس و مُثلِج منذُ الصّباح.. البَعض من الأطفَال يُدردش سويًا و البَعض الآخَر يتمازَح سويًا في صوتِ ضحكاتٍ صاخِبة إنتشرَت في أرجاءِ هذهِ الحافلِة..

و لقَد كان أصفرُ العينان يجلسُ في آخرِ مقعدٍ لوحدِه، و حتّى المقعدَ بجانبهِ هُجِر و لم يجلس أحدٌ به وكأنّه مصابٌ بمرضٍ مُعدي، يحدّق من النّافذة الّتي تشكّل عليها البُخار ليمسحهُ كي يَرى بوضوح، لتلكَ الغُيوم المُتراكمة و السّماء القاتمة الرّمادية و الشّمس الّتي تُصارع بينَ هذا الرّكام للإشرَاق..

كانَ دائمًا يعتقدُ أن الشّمس تُشرق لأجلِه، و أنّ الغيوم تلحقهُ أينمَا حَل، كان مقتنعٌ تمامًا من هذهِ الأفكار وهو يتأمّل هذهِ الطّرقات الجرداء المثلجة و الشّجر العارِي الرّاجف، "هـيه سيزَر ما الّذي قلتهُ في آخرِ حصّة؟" قاطعَ تأمّله طالبانِ دخلَا مجالهُ البنفسجِي الهادئ، لينظُر إلَيهما مطولًا للحظَات متساءلًا "ما الّذي قلتُه؟" ، ليسمعَ قهقهاتٍ تصدرُ منهُما و هم يضربانِ بعضِهما بمُزاح ليقُول أحدهمَا وهو يغطّي فمه حابسًا ضحكته "هيّا! أنتَ تتذكّر!"

أنارَ وجهُ سيزَر قليلًا ثمّ إعتدلَ بجلستهِ متذكرًا ما قالهُ تمامًا ليُجيب "أوه!..قُلتُ أنّ ندفاتِ الثّلج..هي دموعُ النّاس في بِقاع هذهِ الأَرض"، لتعلُو القهقهاتِ و الضّحكات بسُخرية لئِيمة، ليصمتَ سيزَر ناظرًا لهذانِ الفتَان وهو يحسّ أنّه لن يستطعَ الإندماج معهُم، و أنّهم لن يفهموهُ أبدًا..

لتصلَ الحافلَة عند منزله، فنزلَ داخلًا متّجهًا للمطبَخ و جلسَ على الكرسي و المنضدَة البلاستيكيّان محدقًا في ظهرِ أمّه الّتي كانت تعدّ الطّعام بهُدوء، لتنتبهَ لوجودهِ و لم تحيّيه كعادتِها، فلقَد كانت ملامحهَا واجمةً و يائسَة.. فإقتربَت للمنضدة واضعةً أمامَ ابنها شطائرَ لحمٍ صنعتهَا بشكلٍ فوضوي موضّحةً حالتها النّفسية، فالخُبز متفتّت و اللّحم يخرجُ من الأطرَاف بإهمال.. لتجلِس بالكُرسي المُقابل لابنها مدخّنةً كالمُعتاد

كَبش الشّيطان / دوفلاسيزرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن