الفصل 7 : النهاية

19 7 11
                                    

بقية المذكرات : بقلم الخادنة بردونس

14 فبراير 1851

لم تستطع «مرغريت» يا سيدي أن تكتب لك أكثر مما كتبت؛ لأن الطبيب منعها الحركة، ولو أرادتها لعجزت عنها.

أتذكر يا سيدي ذلك الجسم الغض الناعم، الذي كان يموج بالنور موجًا ويشرق وراء بشرته إشراق الخمر في كأسها؟ لقد أصبح اليوم عظمًا مجلدًا وهيكلًا قائمًا لا يساوي ثمن النظر إليه!

وا رحمتاه لكِ! لقد مات كل شيءٍ فيها إلا قلبها وشعورها، وليتهما ماتا معها، فإنه لا يعذبها شيء مثل خواطرها وأفكارها!

لا يدخل من باب غرفتها داخلٌ حتى ترفع نظرها إليه تظن أنك قد جئتها، فإذا دنا منها ورأته أطبقت جفنيها على دمعة تنحدر من بينهما بالرغم منها.

إنها لا تتكلم كثيرًا، فإذا تكلمت كان أول حديثها: «ألم يأت «أرمان»؟» فإذا أجبتها أن لا، سألت عن أمرٍ آخر تتلهى به، أو عادت إلى صمتها مرة أخرى.

لقد رابها اليوم أن طبيبها لم يأتها، فلما أردتُ أن أعتذر لها عنه لم تصدقني، وقالت: «الآن عرفت كلمته التي ألقاها إليك بالأمس.» فسَكَتُّ، ولم أعرف ماذا أقول.

14فبراير 1851

أصبح اليوم صوتها ضعيفًا جدًّا لا أكاد أسمعه، وأظلم بصرها، فهي تنظر إليَّ ولا تراني، وقد أشارت إليَّ في الصباح مرارًا أن أفتح لها نوافذ الغرفة لتستنشق الهواء وتروح عن نفسها، ونوافذ الغرفة مفتوحة يجري منها الهواء متدفقًا، ولكنه لا يصل إلى صدرها.

آه لو أستطيع يا سيدي أن أبيع حياتي لأشتري لها بضعة أنفاس تتردد في صدرها، أو بعض سِنَاتٍ من النوم تأوي إلى جفنها، فإن تنفسها يؤلمني ويعذبني عذابًا شديدًا، وقد مرت بها ثلاث ليالٍ لم تنم فيها لحظة واحدة!

15 فبراير 1851

بعد صمتٍ طويل لم تنطق فيه بحرفٍ واحد فتحت عينيها، ونادتني بصوتها الخافت الضعيف، فدنوت منها، فقالت لي: «أريد الكاهن، فأتِيني به.» فعلمت أنها قد أصبحت على يقين من أمرها، فغالبتُ عَبراتي حتى خرجت من الغرفة، فبكيت ما شاء الله أن أفعل، ثم ذهبت إلى الكاهن فتردد عندما ذكرت له اسم المرأة التي يريد الذهاب إليها، فضرعت إليه وقلت له: «إن رحمة الله يا سيدي لا يستحقها أحد مثل الآثمين المسرفين.» فأذعن بعد لأيٍ وجاء معي، فخلا بها ساعةً ثم خرج، فسألته: «أيرحمها الله يا سيدي؟» قال: «إنها عاشت عيش الآثمين، ولكنها ستموت موت المؤمنين.» فحمدتُ الله على ذلك.

ومنذ تلك الساعة لم أعد أسمع منها كلمة واحدة، ولا أرى عضوًا من أعضائها يتحرك، إلا ما كان في صدرها يترجح بين الصعود والهبوط.

15 فبراير – ساعة الغروب

إن مرغريت تتعذب كثيرًا يا سيدي، وأحسب أنها تعالج سكرات الموت.

مذكرات مرغريت Where stories live. Discover now