:3:

83 7 0
                                    

في عصر ذلك اليوم ..كنا نقف أمام بيت جدتي .. كان قديماً جداً..كلما رأيته يجتاحني ذلك الخوف إنه يذكرني بأحد تلك الأفلام التي كنا نشاهدها بدور السينما..وإن لم يكن بتلك الجودة "السينمائية" كما يسميها أخي "الحسن".. مع ذلك كان هناك ما يشدني إليه.. جدتي المغامرة بحكاياتها الشيقة التي طالما كانت تشحذ نصل فضولي بها لأعرف المزيد والمزيد..فكنت أقفز في حجرها لتحكي لي قصص "مغامرات سندباد"و علي بابا "و ليلى الحمراء" و... هاهي "أشوران" القطة العجوز تلعق جسمها كعادتها أمام الباب تنتظرني لأعطيها "أصابع السمك" التي تعدها أمي بمهارة ..تفتح جدتي الباب.. كانت تنتظرنا.. تقول :

· تأخرتم كثيراً..تجيبها أمي:

· الطريق مزدحمة كالعادة.. وتحتضن جدتي..

· اشتقت إليك أماه..تجيبها جدتي:

· وأنا كذلك صغيرتي..ما أخبار"الحسن"؟!

· بخير .. يكلمنا من وقت لآخر.. وتقوم بإدخال الأغراض..

كنت حينها ألاعب "أشوران"..تسألني جدتي:

· ماذا؟!..ألن تسلمي على جدتك؟!

أنهض فور قولها ذلك لأحتضنها..تقول جدتي:

· لقد كبرت صغيرتي ..

· حقاً.. هل هذا جيد؟!

· بالنسبة لأمك نعم.. أما أنا فلا!

· جدتي.. أتحبينني؟!

· بالطبع حبيبتي ومن لا يحبك!

· أبي..

· أبوك يحبك صغيرتي

· لا أعتقد ذلك..لقد تزوج بأخرى تاركاً إيانا وأمي..

· مع ذلك يحبك.. وتقبل راسي ..تستطرد قائلة:

· حسناء.. أاتصل بكما محمد؟!

· نعم.. وقال أنه سيأتي قريباً ..

· أذكرت له أن يأتي لك بالهدايا؟!

· أجل قال بأنه سيأتي لي بالكثييييير  ..

· هذا جيد.. يقاطعها صوت أمي

· ألن تأتيان لاحتساء الشاي .. ثم أن الكعك سيبرد ..تجيبها جدتي:

· آتيتان.. هيا يا حلوتي.."كانت تقولها لي بحنان.." ..

في "غرفة الإستقبال".. كنت و"أشوران " نلعب لعبة "التجسس"- كما حاولتُ إقناع نفسي بذلك, فقد كنت الطرف الوحيد في تلك اللعبة!- هاهي ذي بدأت بالتحرك بعد جلوسها ولعق وبرها الكثيف وقتاً..إنها تدخل المطبخ.. تحاول العبث بثقب كان في الجدار.. ربما هو لفأر أو... "حسناء؟! ماذا تفعلين في المطبخ؟! "

· لا شي أمي كنت أراقب "أشوران" فحسب!

· حقاً؟!.. " كانت تقولها لتحقق كعادتها..

· أجل!..

· حسناً.. تعالي معي جدتك تريدك..

· و"أشوران؟!..

· و"أشوران".أيضاً!.. تأتي أمي فتحملها وتمسح على وبرها الأشعث بعد انزعاجها من حمل أمي لها..

· يا لها من عجوز مدللة!.. تقولها أمي متأملة هدوء تلك القطة الناعسة بين يديها ماسحة على وبرها بدلال.. أسأل أمي:

· أمي .. كم عمر"أشوران"؟!

· اعتقد أنها في عمرك...

· ثمان سنوات؟!

· ربما.. تقفز"أشوران"فور رؤية جدتي لتستقر في حجرها.. فتقول أمي:

· قطتك أماه حقاً مدللة

· أجل.. إنها غالية علي تذكرني بأبوك قبل رحيله.. وتمسح عليها بحنان زائد.."تستطرد قائلة:

· أتذكرين تلك الليلة العاصفة عندما وجدنا أشوران تحت باب بيتنا كانت صغيرة ومذعورة..

· أجل أذكر وهاهي الآن مدللة كثيراً .. وتصمت أمي مبتسمة كأنها تحاول استعادة شي من ذكريات طفولتها وربما ... تستطرد أمي

· أمي؟! ألا تحنين لتلك الأيام ؟! تسأل جدتي

· بتأكيد بشرى كذلك سارة..

· أجل.. تجيبها أمي

· من سارة؟! أسأل جدتي

· خالتك صغيرتي ..تجبني امي

· لم أرها قبلا

· لقد توفت منذ زمن بعيد..إنها تشبهك كثيراً..تقولها جدتي وهي تحاول مقاومة دمعة وربما عبرة..

· حقاً؟!

· أجل حبيبتي.. تقولها أمي بشي من الشوق لتلك الخالة التي لم أسمع بذكر لها قبل اليوم بل لم أرها حتى بألبوم صور العائلة ..أسأل أمي

· لماذا ماتت؟!

· ماذا؟!!.. وتمسح أمي على رأسي قائلة:" هذا قضاء وقدر صغيرتي ..وتصمت كأنها تحاول كبح حزن بدا يجتاح عيناها وفجأة إذ بجدتي اشاحت بوجهها باكية بشدة.. تذهب أمي لاحتضان جدتي كأنها تحاول تهدأتها من خطب لا أدركه أسأل أمي

· ما الأمر ؟! ما بجدتي لم تبكي ما بها؟! أقلت شي خطأ؟!!

· لا حبيبتي اذهبي والعبي مع أشوران بالحديقة..

· ما بك جدتي... تصيح أمي في:

· هيا اذهبي

وتأتي ببطانية لجدتي وبدوري أخرج للردهة و في بالي سؤال:" لمَ لم أرى خالتي المزعومة بـ "سارة" أو حتى لم أسمع بذكرها قبلا ؟!.." فجأة سمعت وكأن شيئاً وقع بالأعلى....


ماهو ياترى؟! 


أكشف عن وجهك يا "فضول"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن