في زاوية بعيدة من حديقة مهجورة، تقف شجرة قديمة، متجذرة في الأرض منذ مئات السنين. كانت شاهدة صامتة على مرور الزمن، تغني أغانيها في صمت الرياح وتشارك في قصصها مع النجوم في الليالي المظلمة.
في الربيع، تزهر أغصانها وتنتشر أوراقها الخضراء كأنهار الحياة التي تعود لتجري في عروقها. تهمس الرياح بين أوراقها بقصص العشاق الذين اعتادوا الاجتماع تحت ظلها، يتبادلون وعود الحب الأبدي.
يأتي الصيف وتزداد حرارة الشمس، لكنها تظل واقفة، تقدم الظل والراحة للمارة والتائهين. يتسلق الأطفال جذعها، يلعبون بين أغصانها، وكأنها أم حنون تحتضنهم.
ثم يأتي الخريف، تتساقط أوراقها الذهبية، كأنها دموع الوداع. تحمل الرياح تلك الأوراق بعيدًا، وتنقل معها ذكريات الأيام التي مضت. تبقى الشجرة عارية، لكن روحها لا تزال قوية وثابتة.
وفي الشتاء، تغطيها الثلوج، فتبدو كعروس ترتدي فستانها الأبيض. تظل صامدة أمام العواصف، متمسكة بجذورها العميقة في الأرض. تعلم أن هذا البرد سيمضي، وستعود الحياة مرة أخرى.
تعلمت الشجرة أن التغيير هو جزء من الحياة، وأن كل موسم يحمل معه دروسه الخاصة. في هدوء الليل، تتأمل في معنى الثبات والتحول، وتدرك أن الحياة، مثل الفصول، تأتي وتذهب، لكن الجذور العميقة تبقى ثابتة.
هكذا علمتنا الشجرة القديمة أن الزمن قد يمر، لكن الحكمة والصمود هما اللذان يبقيان، وأن الحياة بكل تقلباتها وتحولاتها تحمل في طياتها جمالًا لا ينضب.
أنت تقرأ
خواطر : تأملات في الحب والحياة والأمل
Short Storyفي هذا الكتاب، ستجد مجموعة من الخواطر التي تعبّر عن تأملات عميقة في تفاصيل الحياة اليومية. من لحظات الحب الرقيقة إلى تساؤلات الفراق، ومن أضواء الأمل إلى تجارب النجاح والإخفاق، هذه الصفحات تحمل مشاعر أشخاص وأفكارًا تنبض بالحياة. كل خاطرة هنا هي رحلة...