الفصل الثالث

13 1 0
                                    

**قرارات معقدة**

كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحًا، وكان المنزل يغرق في هدوء غريب. كانت سيرينا تسير ذهابًا وإيابًا في غرفة الجلوس، تتنهد بين الحين والآخر، بينما تفكر في كل ما حدث في الأيام الأخيرة. كانت الشقة الفاخرة بطابقين تبدو وكأنها قلعة من الأسرار والغموض، وكلما حاولت فهم ما يحدث، زادت الأمور تعقيدًا.

جلست سيرينا على الأريكة، وضعت رأسها بين يديها وتنهدت بعمق. لم تكن تتوقع أبدًا أن تتزوج من رجل في غيبوبة ثم تكتشف لاحقًا أنه رئيس مافيا. شعرت بالثقل يضغط على صدرها، وكانت تفكر في الخيارات المحدودة التي أمامها. كانت تعلم أن الحديث مع أليكس سيكون صعبًا، لكنه كان شيئًا لا مفر منه. بعد تردد طويل، قررت أن تخبره بأنها تريد الطلاق. لم تكن مستعدة لزواج مثل هذا، وكانت تشعر بالخوف من المستقبل.

في هذه اللحظة، سمعت صوت خطوات ثقيلة تأتي من الطابق العلوي. نظرت سيرينا نحو الدرج لترى أليكس ينزل بهدوء، عينيه تلمعان بلمعة ذكية وماكرة. كان يبدو وسيمًا ومرعبًا في نفس الوقت، وكأنه يحمل في طياته أسرار العالم كله.

"هل قررتِ ماهي خططك المستقبلية لزواجنا؟" سأل أليكس بنبرة هادئة لكنها تحمل تحديًا واضحًا.

وقفت سيرينا ببطء، ونظرت إلى عينيه بتردد قبل أن تجيب: "نعم، لقد قررت."

رفع أليكس يده أمامها ليوقفها وقال: "قبل ذلك، أخبريني عن نفسك أولاً."

شعرت سيرينا بالحيرة وقالت: "لا أفهم السؤال."

ابتسم أليكس ابتسامة خفيفة وقال: "مثل اسمك، عمرك، ماذا تعملين، أخبريني عن نفسك بشكل عام."

تنهدت سيرينا قبل أن تبدأ بالحديث: "اسمي سيرينا، عمري ثلاثة وعشرون عامًا. أعمل في مجال الاستثمار، وقد حققت بعض النجاح في هذا المجال. ولكني تركت وظائفي السابقة بسبب مضايقات المدراء."

بينما كانت سيرينا تتحدث، كان أليكس يستمع بعناية، ملامحه لم تتغير، لكنه كان يبدو وكأنه يفكر بعمق في كل كلمة تقولها. بعد أن انتهت، سألته: "ألم يخبرك والديك عن هذا؟"

أجاب أليكس بلا مبالاة: "عندما اتصل والديَّ ربما أخبراني، لكنني نسيت."

حاولت سيرينا أن تستجمع شجاعتها لتخبره بقرارها بشأن الزواج، ولكن في تلك اللحظة، رن جرس المنزل بصوت عالٍ.

توقفت سيرينا عن الكلام ونظرت إلى الباب بتوتر، بينما توجه أليكس بخطوات ثابتة نحو الباب. فتح الباب ليجد والديه واقفين هناك. كانت والدته، إلين، امرأة لطيفة وهادئة، لكن عينيها كانت تحملان نظرة مخيفة تعكس قوة داخلية كبيرة. بجانبها كان والده، ماثيو، رجل قوي البنية بملامح قاسية وهالة مرعبة تملأ المكان. كان يبدو عليه أنه معتاد على السيطرة والتحكم في كل شيء حوله.

تقدمت إلين نحو أليكس بسرعة، واحتضنته بقوة وهي تغالب دموعها. "أليكس، يا بني، لم أصدق أنني أراك واقفًا هنا أمامي. لقد كانت سنة طويلة وصعبة بدونك."

شعر أليكس بالحرج قليلًا لكنه رد بلطف: "أمي، أنا هنا الآن. لا تقلقي."

نظرت إليه إلين بحنان ثم توجهت نحو سيرينا مبتسمة وقالت: "أخيرًا قابلتك، سيرينا."

ابتسمت سيرينا بارتباك وقالت: "نعم، تشرفت بلقائك."

ابتسمت إلين بلطف وقالت: "أنا إلين، والدة أليكس. شكراً لكِ على الاهتمام به."

تحدث أليكس بسخرية: "لا أعلم إذا كانت تهتم بي أم أنها كانت تتذمر لي." ونظر إلى سيرينا وكأنه يلمح بشيء.

شعرت سيرينا بالحرج ولم ترد على تعليقه. في هذه الأثناء، كان ماثيو ينظر إلى سيرينا بنظرة صارمة وقال: "هل يمكنكِ أن تستمري بالاهتمام بأليكس وأنتِ تعرفين من هو الآن؟"

ترددت سيرينا قليلاً ثم قالت: "ااه.. في الواقع لا."

تفاجأ الجميع بنبرتها الصريحة، وسأل ماثيو بفضول: "لماذا؟"

أجابت سيرينا بصدق: "لقد كنت سأخبره قبل قليل أنني أريد الطلاق."

تساءلت إلين بصوت هادئ: "لماذا، يا عزيزتي؟"

تنهدت سيرينا وقالت: "أنا لم أرد أن أدخل نفسي في مثل هذا المكان. وأيضًا، لا أعتقد أنه يحتاج اهتمامي، خاصتًا بعد أن قابلته شخصياً، هو مزعج."

التفتت إلين إلى أليكس، بينما بدأ ماثيو بالضحك بسخرية وقال: "أن تسمع قول 'مزعج' عنك بعد يومين فقط من مقابلتك، هذا محطم يا بني."

حاولت إلين التحدث مع سيرينا، وقالت: "يا عزيزتي، الزواج ليس أمرًا بسيطًا، ونحن نعلم أن أليكس يمكن أن يكون معقدًا وصعب التعامل معه، ولكن..."

قاطعها أليكس قائلاً: "أمي، لا داعي للقلق. هذا قراري معها وأنا من سيحدد. أعتقد أنه من الأفضل أن ترحلوا اليوم."

شعرت إلين بالحزن، كانت قد افتقدت ابنها لأكثر من سنة ولم تراه إلا الآن. قالت بنبرة مختلطة بالحزن والعتاب: "أليكس، نحن هنا لدعمك. لا يجب أن تقطعنا عن حياتك."

أجاب أليكس بنبرة جادة: "أعلم يا أمي، لكن هناك أمور تحتاج إلى ترتيب وفهم. سأكون على اتصال بكم قريبًا."

ودع أليكس والديه، وأغلق الباب خلفهما. نظر إلى سيرينا وقال: "حسنًا، والآن أين كنا؟"

تنهدت سيرينا وقالت: "كنا نتحدث عني، وعن قرارنا بشأن الزواج."

ابتسم أليكس وقال: "نعم، صحيح. لكن دعينا نؤجل هذا الحديث قليلاً. هناك الكثير مما يجب أن نتحدث عنه، لكن لنبدأ بغدٍ جديد. ما رأيك في تناول العشاء معًا غدًا؟"

تنهدت سيرينا، شعرت بالتوتر قليلاً وأجابت: "لا داعي لتأجيل أي شيء للغد."

ابتسم أليكس بابتسامة مرهقة وقال: "أنا متعب يا سيرينا، ما زال جسدي مرهقًا. لذا دعينا نؤجل الحديث إلى العشاء غدًا."

شعرت سيرينا بالحرج وخشيت أن تبدو متحجرة القلب، فوافقت على اقتراحه بصوت خافت: "حسنًا، لنؤجل الحديث إلى العشاء."

بهذا انتهى الحوار لليلة، وترك أليكس سيرينا تتأمل في الأحداث الجارية.

**نهاية الفصل الثالث**

Between day and nightحيث تعيش القصص. اكتشف الآن