«الفـصل الأول»

404 185 201
                                    

فتحت عيني في هذه الحياة ولم اجد امامي سوا امرأة في العقد الثلاثين اعتنت بي عندما رُميت في احضانها وانا بعمر عام واحد تكفلت هي بتربيتي وتحمل مصاريف دراستي حتى صرت بعمر الخامسة عشر حينها اضطرت هذه السيدة ان تنتقل الى بلد آخر بالتأكيد لانها قد تزوجت وهذا حقا لها كانت متفضلة علي في الاعتناء بي بعد ان تخلت عني امي التي لااعرف عنها شيء حتى اليوم، اعيش وحيده في منزل صغير بغرفتين ومطبخ اصاحب عزلتي مع مجموعة من الكتب التي اعتبرها انيست روحي قبل كل شيء.

الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، حيث السكون والهدوء يعم في الانحاء، لاشيء سوى اصوات الاشجار التي تحركها الرياح ورائحة الهواء البارد الذي يدخل من النافذة الى غرفتي فتداعب انفي رائحة الاشجار الرطبة بفعل قطرات المياه الرقيقة على اوراقها...

- لماذا مات؟ هل كان من الضروري ان تكون هذه هي النهاية؟

مسحت دمعاتي الصغيرة التي كان سببها نهاية حزينة للرواية التي بدأت اقرأها منذ ساعتين، تقدمت بخطواتي المتعبة الى رفوف مكتبتي اعيد هذه الرواية البائسة الى حيث كانت.

- اعتقد انني يجب ان اشتري مجموعة جديدة، لكن كلا للروايات الحزينة لقد افقدتني صوابي.

اطفئت ذلك الضوء الخافت حيثُ اصبح الضلام هو كل ما في المكان، والنافذه التي تكاسلت ان اغلقها ضلت فاتحه ذراعيها تهل علي بالنسمات الباردة فأنتهت ليلتي.


الساعة 7:00 صباحاً يوم الاثنين

فتحت عيني ببطئ وضوء الشمي يخترق الغرفه من النافذه المفتوحة حيث صارت مليئة باوراق الشجر المتساقطة بفعل الرياح...

- و الآن يجب علي تنضيف هذه الاوراق التي اغرقت غرفتي والذهاب للعمل ليس لدي الكثير من الوقت، لكي اعيش واتناول الطعام مثل الاخرين عملت في مقهى قريب من منزلي.

تسلل السكون الى روحي عندما نضرت الى السماء فكان لونها رمادي ملبده بالغيوم تحتضن تلك السماء هذا هو فصلي المفضل دائما وابدا ولا اريده ان ينتهي احب هذه الاجواء اشتهي فيها كتاباً وكوب قهوة.

لفت نضري رجل طويل القامة يرتدي قنسلونه مطرية قديمة يجلس امام عربة مليئة بالكتب المنوعة، دائما ماتلفت نضري هذه المشاهد التي تحتوي على كتب و مجلدات اسرعت بخطواتي نحو تلك العربة لاستكشف مافيها من كتب.

- صباح الخير ايها السيد.

القيت عليه التحيه وعيني تكاد تأكل تلك الكتب، اتصفح كتاب واذهب الى اخر لكنني لم اجد ما يشدني من العناوين التي افضلها،تركت الكتاب الذي بيدي وقررت ان اكمل طريقي الى عملي بدلا من تضييع الوقت هذا.

- رميم!

استوقفني صوت الرجل وهو ينادي بأسمي، توقفت مكاني وقلت له...

- لكن كيف تعرف اسمي؟

نضر الي بنضرة حاده، ونهض عن كرسيه القديم الخشبي، شعرت بالخوف، فقد كان منضره غريب، والاغرب انه يعرف اسمي..

فتح صندوق صغير خشبي واخرج منه قطعة من القماش بداخلها شيء صغير لم اراه بوضوح قال لي وهو يقلب القماشه بيده...

- لدي ماتبحثين عنه.

- ماذا تقصد؟ انا لا ابحث عن شيء يا سيد اعتقد انك اخطأت الشخص.

اجابته وانا مستغربة من كلماته ولم افهم شيء من ما يقوله، يالهي! هل هذا الذي بيده مسدس او سكين؟ هل سوف يقتلني؟

تقدم نحوي واخرج من القطعة القماشية فاصلة كتاب، لكنها ليست فاصلة عادية، انها مختلفه وغريبة جدا وملفته قدمها لي وهو يقول....


- الان لن تقرأي فقط بل سوف تعيشين ماتقرأين.

اخذت انضر الى تلك الفاصله الجميلة التي بيده، سرعان ماقدم الفاصلة لي اخذتها اتفحصها قلت له بعد ان سحرتني بتفاصيلها الدقيقة..

-انها فاصلة جميلة، لكن لماذا تقدمها لي انا بالذات؟

-لانك تستحقينها، خذيها لكن عليك ان تعلمي، انك لن تعودين لترجعيها، ستصبح جزء من حياتك.

قال لي وهو يعود الى عربته ويفتح الصندوق الورقي من جديد ليخرج منه كتاب كبير وقديم جدا،

- اقرئي هذا الكتاب وستخدمي هذه الفاصلة واستمتعي برحلتك.

اعطاني كتاب قديم الطراز والغلاف من نوعي المفضل اخذته من بين انامله بشكل من التردد والقلق والفضول، والفاصله بيدي الاخرى ايضا، كان الوضع برمته غريب انا لا افهم شيء، انه كتاب غريب ماذا يحتوي وعن ماذا يحكي؟ ماقصة هذا الرجل وكيف عرف اسمي!؟ هل انا احلم؟

ابتعدت ببطئ عن عربة الرجل وكتبه، وتلفت حولي كان الشارع خاو من الناس، ابتعدت قليلا فنضرت خلفي ونصدمت عندما رأيت ان العربة اختفت والرجل ايضا، مشيت مسرعة ابتعد عن هذا المكان،
هل انا جننت، لا يوجد احد، اين ذهب هذا الرجل؟ لكن كيف؟ كان هنا قبل لحظات.


«بيــن صفـحات الكــتاب» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن