الفصل الثالث

58 6 0
                                    

عقدت الفتاة يدها وابتعدت بها عن يده وهي تردف

- صدقني يا صلاح.. يوما ما ستكون سعيدا، أنا لا أريد إيذاءك، لكني حقا أعتقد أنه لا يوجد مستقبل لخطبتنا تلك. وحررت أصبعها من خاتمه ووضعته أمامه على المنضدة في الكافيه، ترى

كم من حادثة كتلك شهدتها تلك المنضدة؟ دار التساؤل السخيف بداخل

عقله وهو ينظر للخاتم، وبعدما رحلت كان يجلس هو يحدق بالفراغ ونظر إلى الرسالة الطويلة التي وصلته على هاتفه المحمول، والتي

تتلخص في أنهم فصلوه من وظيفته لأسباب تتعلق بالميزانية وآثار الأزمة الاقتصادية الخاصة بـ ۲۰۰۸ .. نظر صلاح جواره وغمغم يوم رائع.

ولسبب ما شعر صلاح بالحرية، وسط كل شعوره بالحزن والألم وما يترتب عليهما من الشعور بالثقل في الحركة والشرود، لكن شيئا له علاقة

بفشل كل خططه في الحياة جعله يشعر أنه حر ورائق البال إلى حد ما، لقد كان يكدح لأعوام في عجلة التخطيط والإنتاج، والآن هو رجل حر

طليق بلا خطيبة ولا عمل.

كان هذا منذ ثمانية أعوام، ولا يزال ناقوس هذا اليوم يدق في عقل

صلاح كل حين وآخر، لم يمتلك سوى أخته في تلك الفترة، لم تكن قد توفيت بعد حقيقة أن أخته كانت تعاني من الاكتئاب الحاد، كما ترى

الاستشارية النفسية ناردين الصباغ وهذا من ضمن الأسباب التي أحدثت التعارف بينه وبين الكاتبة، لكنه كان يحب أخته بشدة لأنها كانت بشكل ما الشخص الوحيد القادر على الاعتناء به، لكنها رحلت، ظل يعمل الثمانية أعوام كمحقق في قضايا الاحتيال والتزوير بشركة تأمين خاصة، وبشكل

ما ناسبته تلك الوظيفة لأنها ساعدته على تناسي حقيقة أنه بلا حياة

وظل يقضي وقته وهو يحقق بشئون الآخرين.

تثاءب صلاح وهو مستلق في البانيو الممتلئ بالماء، يلعب الشطرنج معنفسه في ذات الحين، ونظر للرسالة التي وصلته من ناردين مرة أخرى مسح بيده على وجهه، واعتدل لتتساقط قطرات المياه، نظر إلى انعكاسه في المرآة وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يبتسم ويقول لنفسه بسخرية مريرة ابتسم وتألق يا صديقي، ولا تنظر للسواد أسفل عينيك وهذا الشعور السقيم بالخمول الحياة لا تزال رائعة، الحروب لا تزال تدمر البلدان والشركات لا تزال تنهب الجميع، والحب يتحول لعذاب إغريقي في نهاية

المطاف، ولكن الحياة لا تزال رائعة.

غمز لنفسه وذهب ليرتدي ملابسه واتصل بناردين وهو يفعل هذا.

***

- حسنا حسنا .. لقد فهمت.. فقط قولي لي كيف توصل هشام هذا لكل تلك

المعلومات عن القضية.

قالها صلاح وهو يدير مقود السيارة متجها للعنوان الذي أعطته إياه ناردین أتاه صوت الأخيرة لقد استغل عمله ككاتب وصلاته ببعض

ليلة ظهور القرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن