الفصل الرابع

48 5 0
                                    

فور أن انكسر الباب التصقت نجوى بالجدار وهي ترمقهم، بينما وقف صلاح في تأهب قابضا على السكين، لكن أحدا لم يكن هناك مجرد الصمت والفراغ، ولوهلة ظل صلاح ونجوى صامتين تماما ومتصلبين بمكانهما كالتماثيل، قبل أن يغمغم صلاح بصوت خافت اتسمعين هذا؟

صوت همس.. إنهم يهمسون. تنتصب حواس نجوى، وتسري القشعريرة بجسدها، نعم.. صوت همسات

ماجنة تخلل الصمت الجاثم عليهما في القبو.

قبل أن يريا ظلالا تتراقص على الحائط عاكسة أجسادًا خلف الباب تتزايد دقات قلب نجوى وهي تقاوم الإغماء، قبل أن تسمع هي وصلاح صوت شيء ما يتدحرج، وأمام عيني صلاح تستقر رأس صفية أسفل سلم القبو بعدما تكف عن التدحرج، تشهق نجوى قبل أن تسقط أرضًا، ويتراجع

صلاح للخلف وهو يرمق الرأس المقطوع.

***

تعقد نجوى يدها بيد صلاح، لقد مرت ساعات وهما في القبو يسمعان الهمسات فحسب، ينتظران هجومًا ما، لكن شيئا لم يحدث، وهذا الانتظار يوشك على تحطيم أعصابهما، تهمس لصلاح ربما يريدوننا أن نفقد عقلنا.

- ماذا ؟

مثل مسئول الموارد البشرية الذي يترك المتقدم ضحية للوقت قبل المقابلة.

نظر لها صلاح بطرف عينه، فقالت نجوی

اه.. لعلك تفكر كيف يتسنى لتلك المرأة الثرية أن تعرف بشأن العمل والمقابلات، لكني قلت لك نحن لسنا بهذا الثراء.

هر صلاح رأسه معتذرا بشكل ما عن طريقته في الحكم عليها، شردت هي قليلا قبل أن تهمس ربما كل ما يحدث يعني أن كلام رنا حقيقي، ربما هناك قرين حقا.

هذا لا يفسر من هؤلاء الذين يهاجموننا.

لا أعلم، لكن أحداث اليوم تقول إن هناك شيئًا بشفا ما يدور ها هنا.تنهد صلاح صامتا التفتت إليه نجوى قائلة: لو كانت ادعاءات رنا صحيحة، وقرين ابني موجود هذا يعني أنه كامل أليس كذلك؟ أن ابني لا

يزال حيا بشكل ما وبإمكاني رؤيته.

نظر صلاح لعينيها الدامعتين قبل أن يغمغم: لا تفكري على هذا النحو... فقط لا تفكري على هذا النحو، لقد فقدت أحدًا من قبل، وهذا التفكير

سيقودك الطريق من الرثاء للنفس سيودي بك للجنون.

بشرود وبصوت خافت تحركت شفتا نجوى ببطء، وهي تتحدث دون صوت لنفسها، ونظر إليها صلاح وهي تفعل هذا غريبة الحياة، الكل ينظر لامرأة مثل نجوى فيراها من الخارج فحسب، ويحكم على الطبقة الغاشية التي تخفي الوهن الداخلي، أنت تنظر لأحد وتفكر في موقفك الحالي معه فحسب، لا تتخير لحظة ولادته أو احتضار أحد قريب منه، لا تتخيله في لحظاته الحميمية، ولكن صلاح فعل هذا وهو ينظر لنجوى تخيلها وهي حبلى، وهي تلد كامل، وهي تفقد زوجها وأبناءها، تخيل حياتها وأحلامها وهي طفلة ترى نجوى التعاطف في عينيه فتبتسم في وهن قبل أن يعلو صوتها ليسمع ما تقوله أنا لا أعلم من هؤلاء السفلة بالخارج، هؤلاء القتلة لكني أعلم أني لم أستسلم قط من قبل طيلة حياتي وأنا أحارب شاني شأن أغلب الناس، نقاتل كي نندمج في المجتمع، لو رسبت في المدرسة فأنت متخلف عن السباق الذي يلهث به الجميع، لا يصح أن يتأخر زواجك عليك أن تواكب الجميع في السباق، احصل على وظيفة بلا شغف ولا روح، وتظاهر بأن كل شيء على ما يرام أمام عائلتك، تلك كانت حياتي بشكل أو بآخر، ولكن الشيء الوحيد الحقيقي في تلك الحياة كان أبنائي لم يكن هناك زيف ولا ادعاءات ولا مصالح، والآن فقدتهم جميعًا، وهؤلاء السفلة بالخارج، لا يتركونني حتى الحزني كلا.. عليهم أن يضيفوا العبث العبث والجنون يقتحمون بيتي ويرتدون أقنعة لأحبائي ويعبثون بعقلي ويذبحون صفية، لماذا بالله عليك ؟ من هؤلاء؟ وهل قتلت رنا كامل حقا؟ هل هناك كامل آخر يحيا حرًا ويعيث فسادا وهو الذي أرسل هؤلاء الأوغاد

ليلة ظهور القرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن