النهاية

285 9 22
                                    

_ كان.. كان عليك إخباري منذ البداية.. كان عليك اخباري منذ خطبتني.. لم أكن.. لأقبل بك أبدا.. كنت سأرفض مباشرة...
______

مخضبة بالدماء ، خصلاتها الفحمية تبعثرت على وجهها بينما تتناثر الدموع من عينيها الرمادية الواسعة تتعلق برموشها يائسة ثم تقع مع اخواتها نحو الأرض ، ثيابها متسخة وهيئتها مبعثرة..
رفعت قبضتها ببطئ وهي تجثو على الأرض نحو الشاب الذي يجثو أمامها تضربه على صدره بضعف وهي تلومه بتلك العبارات وصوتها مختنق مليء بالألم..
ازدادت دموعها غزارة وارتفع صوتها باكية لتصرخ في وجهه : أريد أن أعيش في سلام.. ولن يكون هناك سلام مع شخص يداهم الموت كل يوم.. لا أريد أن أعيش كل يوم من حياتي وأنا أنتظر أن يأتيني خبر موتك..
ارتفعت ثورتها الهستيرية وزادت تضربه على صدره وهي تصرخ : لما لم تخبرني منذ البداية .. لماذا تصعب علي الأمور دوما.. لما لا تراعي مشاعر من حولك ولو لمرة..
ثم أرهقها الصراخ.. أكثر مما أرهقتها الاصابات التي تملأ جسدها فأخفضت يدها وأخفضت رأسها ليتساقط شعرها فيخفي ملامحها المنهارة
لم يخرج الشاب أمامها من صدمته.. كانت كلماتها قاتلة أكثر من أي ضربة تلقاها إنه لا يختلف عنها ، مليء بالكدمات والدماء.. عيونه السوداء تحملق بعيدا عنها.. انهكه الوضع كله ، لقد كان يحاول التماسك من أجل انقاذها.. ليس فقط لأنه من ورطها في هذا كله ولكنها محبوبته.. لا يمكن أن يتعرض للرفض في هذا الوضع.. لا يمكنه أن يموت مرتين..

" أنا لست سفاحا عديم الرحمة.. "

أخرجه صوت يعج بالشر من حالته تلك.. فحرك بصره نحو الرجل الذي يوجه مسدسا نحوهما يقف بجوارهما وملامحه مليئة بالخبث والانتصار ،
اردف بنفس النبرة : سأكون عادلا في انتقامي.. سأعاملك بالمثل..
وبعد أن أطلق تنهيدة عميقة تُنفس عن كل أحقاده واصل : سأقتلها بين يديك كما قتلت مخطوبتي بين يدي.. ستتذكر في كل لحظة وفي كل يوم يمر من حياتك منظرها جثة بين أحضانك دون أن تستطيع انقاذها.. دماؤها ستلطخ يديك ووجهك.. وسوف تغسلها مرارا وتكرارا لكنها لن تزول أبدا.. سيقتلك الشعور بالذنب وتأنيب الضمير لكنك لن تموت ، إنما.. سأرتاح أنا بعد انتقامي ، لكنك لن ترتاح أبدا لأني لن أدع لك فرصة الانتقام.. سآخذ روحي بيدي من أجل ألا تشعر بذرة راحة.
__________

الأعمى ليس هو الذي لا يستطيع أن يرى العالم .. الأعمى هو من يستطيع أن يرى بوضوح لكن لايتضح له الصواب من الخطأ

أنفاس منهارة وأنفاس يائسة ، وأخرى ممزوجة بها الكثير من المشاعر.. ألم ، انتصار ، رغبة ورهبة وبعض التردد إنها فتاة بريئة ، تماما كما كانت مخطوبته من العدل أن يأخذ محبوبته كما أخذت منه خاصته .. هذا الانتقام العادل .. وتحرك اصبعه ليضغط على الزناد وكادت تنطلق الرصاصة لتخترق رأسها لولا أن الشاب أمامها تحرك من مكانه
وقف وعيونه فارغة لا توحي بشيء.. ما الذي ينوي عليه يا ترى
تشبث الرجل بالمسدس بكلتا يديه لا يفهم ما يحدث لكن الشاب وقف بينه وبين الفتاة التي لم تتحرك من مكانها.. لا زالت منهارة هناك مصدومة من كل ما سمعت ورأت رمقه الشاب بنظرات ذابلة بعيونه السوداء الداكنة وقال بهدوء شديد : أطلق علي أولا..
ارتبك الرجل للحظة.. كيف يمكنه أن يواجه الموت بهذه الصلابة ، كيف يقف أمام مسدس بهذا الهدوء وطلقة منه كفيلة بإنهاء حياته ، فزفر بتلك الكلمة بصوت مليء بالحقد " ابتعد "

بنفس الهدوء رد عليه : اقتلني لإبعادي

صرخ في وجهه حتى كادت تتمزق حنجرته : قلت لك ابتعد أيها الوغد

لم يتحرك في الأخير شيء.. لم تتزعزع نظرة الهدوء في عينيه للحظة ففاض الحقد من عيني غريمه واشتعلت نيران غضبه ثم ومن دون تفكير ضغط على الزناد ليدوي صدى الرصاصة في كل مكان...

تردد صداها في أذن الفتاة آلاف المرات ، تحجرت الدموع في عينيها .. التفتت مسرعة إلى خاطبها وقد انخلع قلبها من مكانه فشاهدته واقفا هناك بينها وبين صاحب المسدس جدارا يحميها من كل أذى
لم تدم وقفته الثابتة طويلا لأن الدماء راحت تتناثر أمامه ، نظرت إلى القطرات تتسابق نحو الأرض ثم فجأة... مال...
________________

لحظة واحدة .. كلمة واحدة وربما نظرة واحدة قد تغير حياتك كلها ، أنت تعتقد بأنك تعرف نفسك لكنك في الواقع تعرف عنها اسمها فقط..
ستكتشف نفسك عندما تقع.. وعندما تُمتَحن وعندما تغضب .. وستتفاجأ كثيرا عندما تقع في الحب..
ستتساءل كثيرا لماذا أحببت هذا الشخص ؟ لماذا قلت تلك الكلمة ؟ ولماذا بحق السماء ذهبت إلى ذلك المكان ؟ فيما كنت أفكر.. أنا سأخبرك
أنت لم تكن تفكر.. لقد كنت تكتشف .. وستظل تكتشف حتى آخر لحظة تنقضي من عمرك
كما سيكتشف هذا اللامبالي الوسيم الطريق التي أوصلته إلى الموت

الوقوع في المحظور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن