غيرة مبتدئ

27 3 2
                                    

" رئيس.. ألم تعجب بامرأة قط ؟ "

توقف جمال عن مضغ اللقمة التي كانت في فمه بعد سؤال رامي.. وكان الأخير يتناول طعامه أمام حاسوبه كما اعتادا.... جلس فادي على الاريكة بجوار جمال هذه المرة.. ولم يكن يتناول طعامه معهما كثيرا لكن حضوره صادف حضور العشاء فلم ينتظر دعوة.

رد جمال بشكل عابر  : لقد أحببت فتاة مرة عندما كنت في عمركما

لم يبد فادي اهتماما بالقصة بينما بدى الفضول على رامي فسأل مجددا : ما الذي حدث ؟

نطق جمال وفمه محشو بالطعام بكلمات مبهمة : لم أرها منذ طلبت الطلاق.. هجرتني قبل عشر سنوات

علقت اللقمة في حلق رامي فكاد يختنق بينما حملق فيه فادي متفاجئا لكنه واصل الأكل بعد لحظة كأن شيئا لم يكن فهتف رامي فيه بصدمة : إننا نعيش مع بعض منذ ما يقارب السنتين ولم تخبرنا قط بأنك مطلق ؟؟؟؟

واصل الهمهمة والطعام في فمه : لم يسأل أي منكما قط

_ لكن.. ما الذي حدث ؟؟

بدى تغير طفيف على وجهه حين قفز بذاكرته قفزة سريعة عشر سنوات للوراء ثم تمتم بهدوء : لم يكن شيئا مهما.. لم أولي تلك الحياة الاهتمام الكافي.. رأيت زوجتي  دوما أمرا مسلّما.. تنتظرني داخل المنزل حين أرجع إليه وتحت أي ظرف.. لم أكن حاضرا في مرضها وسعادتها ومناسباتها.. لم أكن حاضرا في حياتها حتى لم أعد ألزمها ف... استغنت عني

تأمله فادي لحظات كثيرة بصمت حينها رجع إلى طعامه وهو يقول بنبرة مداعبة  : لا تستهلكا شبابكما في العمل يا أولاد ها.. أعثرا على فتاة مناسبة وكونا أسرة.. لا تهملا الأشياء المهمة فهناك أشياء لا ترجع إذا غادرت..

شعرا بالكثير من الألم يختبأ خلف صوته بسبب الذكريات التي قفزت من شرخِ ماضٍ كان يخفيه وآلمته.
.
.
.

انتابته مشاعر غريبة بعد خروجه من ذلك المنزل ، لم يتوقع أبدا أن يخفي رئيسه ماضيا كهذا... بدى على الدوام رجلا هنيا في حياته لكن بمجرد أن ذكر ما يوجعه حتى شعر بموجة من الأحزان تخرج من صدره

لربما الحزن الذي نبتسم له هو أكثر مايوجعنا.. نبتسم له تملقا حتى يخفف وطأته... وربما نبتسم له لنلقي الصلح على ما يهزمنا ابتسامة استسلام

حسم أمره بأنه لن ينتهي مثله ، سيبادر بالصلح مهما كان كبرياءه متوجعا من الغيرة.. لن يتحسر على خسارة الفتاة التي اختارها بسبب الاهمال وأخرج هاتفه ليتصل بها لكنه تذكر بأنها لا تمتلك جوالا.. وهذا كان مشكلة تضاف إلى كل المشكلات التي يواجهانها فخبأ هاتفه واستقل أول سيارة أجرة..

الوقوع في المحظور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن