المرحلة الثانوية كانت جحيما لا يطاق..إن العودة إليها عقاب قاسي بالنسبة لي
توسع فاهه بعد أن تثاءب بشدة حتى تقوست عيونه ، إنه لا يطيق المواد الأدبية ، يشعر بأن الزمن متوقف في ساعاتها ، إنه متواجد أصلا بسبب المهمة لكنه لا يبالي ، كل ما يشغل فكره الان هو طبق الملفوف الذي ينتظره في بيت رفيقه ، لقد طلب منه المرور عليه بعد انقضاء عمله ولم يكن صديقه يعلم بماهية مهمته بالضبط لكنه يعلم بأنه مشغول .
ما إن خربش مكبر الصوت ليعلن انطلاق جرس الفسحة حتى انتشر الطلاب كالذباب من أماكنهم في غير نظام ، ..ظل فادي ساكنا مكانه ينتظر خروج الذباب حتى يخرج بعيدا عن الزحام ، فشاهد مجموعة من الشباب مجتمعين في زاوية بعيدة لا تنوي الخروج يبدو أنهم مجتمعين حول أمر مثير للاهتمام لأن صيحات التعجب كانت تصدر من بينهم لكنه حمل أغراضه وكاد يخرج لو لم يقفز أحد زملاءه الى الكرسي أمامه فجأة ثم دنى منه ليقول هامسا : هل تعتقد بأن أنس صادق ؟
وضع فادي يده على رأسه ليفرك شعره مجيبا : بالنظر إلى ملامح الفخر التي تبدو على وجهه يبدو صادقا ، بشأن أيٍ كان ما يتباهى به الآن
وكان الشاب الذي يقصدانه يتوسط مجموعة الشباب التي تجتمع هناك ، استطرد زميل فادي هامسا دون أن يهتم بشأن رده ، يبدو أنه يريد النميمة وحسب : يقول بأن والده يملك مجموعة أسلحة كاملة من أنواع المسدسات الأجنبية
اختفت ملامح اللامبالاة من وجه فادي الذي قاطع ثرثرة زميله فجأة بسؤاله : هل يملك دليلا على كلامه ؟
رد صاحبه : أجل إنه يتباهى بالصور هناك ولا أعلم هل يصدقونه أم لا .. لا أحد منا شاهد سلاحا في الحقيقة لذا.. لا أعلمكاد فادي يتحرك نحوهم لو لم يرتفع صوت بعض مشاغبي الصف الذين دخلوا فجأة بعضهم يحمل دلوا والبعض يعدل الباب.. يبدو أنهم يخططون لعمل مقلب لأحد الطلاب.. فتفرقت مجموعة الشباب ولم يفكر أكثر إذ بأحد زملاءه يقترب منه في تلك اللحظة يتساءل بحماس : هل ستخرج ؟ إننا نخطط لعمل مقلب لغريبة الأطوار تلك ، يجب أن تخرج قبل أن نضع الدلو
حدق فيه فادي بصمت لحظات كثيرة ، فاتسعت ابتسامة زميله وأردف بلهفة : هل تريد أن تشاهد الحدث أيضا ؟
أطلق فادي زفرة طويلة وضع بعدها السماعات على أذنيه ثم قام ليخرجانطلقت عصابة الفتيات الثلاث نحو ميرا لاستدراجها نحو المقلب ولم يصعب عليهم خداعها ، إن أي كذبة ستفلح مع فتاة بسذاجتها ، فاتجهت مسرعة نحو الصف ، أمسكت مقبض الباب وكادت تدفعه لو لم تمتد يد إلى يدها لتوقفها فجأة ، نظرت إلى فادي يقف خلفها لا تدري من أين ظهر يمسك بمعصمها وهو يرمقها بنظرة أقرب إلى الاشمئزاز منها إلى البرود وقال : أنا أكره السذج الأغبياء أمثالك لكن.. أكره المتنمرين أكثر لذا.. لا تدخلي..
إن كل ما يعلمه بشأن هذه الفتاة أنها ضعيفة ساذجة إن صادفها فهو ينسى في أغلب الأحيان وجودها معه بنفس الصف ، لم يكن يعلم حتى ماهية ملامحها لأنها تخفض رأسها في المرات القليلة التي صادفها ثم إنه لا يهتم بشكلها ولا غيرها في الصف ، لذلك تخيلها تخفض رأسها مسرعة وتتقهقر هاربة خائفة... لم يتوقع البتة ذلك المشهد.
نظرت إلى عيونه مباشرة بعيونها الرمادية التي تبدو كلآلئ تغوص داخل بحر عميق يميل فوقها رمشها كليل ينحني فوق البدر وقالت : أعلم بأنهم يخططون لإحراجي..
بدت الفجأة الشديدة على وجهه مما يرى ويسمع ، لكنها سحبت يدها من يده لتندفع نحو الباب فأردف مباشرة : لن يزيدك هذا إلا غباءا
عادت لتنظر إليه بتلك الملامح الواثقة التي لم يتوقعها البتة وردت : إذا فشلت خطتهم فذلك لن يزيدهم إلا حقدا علي لذا.. لا بأس في أن ابدو غبية
ثم مالت ابتسامة ساحرة على شفاهها المتوردة بشكل مفاجئ وقالت : أشكرك على قلقك هذا
أنت تقرأ
الوقوع في المحظور
Romantizmعميل سري في المخابرات يتخفى كطالب في الثانوية لكن الأمور تخرج عن السيطرة عندما يقع في حب طالبة معه في الصف فماذا سيحدث ؟