نقطة الصفر

13 3 4
                                    

دقت الساعة التاسعة .. وضعت الفطور على المائدة لوالدها النائم ثم تأنقت بحلة بسيطة " فستان أصفر أسفل الركبة وجزمة بنية قصيرة.. ظفرت شعرها للخلف ولم تضع اي مساحيق تجميل..

انتظرت أمام بنايتهم بضع دقائق فوقفت بعدها سيارة سوداء وخرج السائق فكان فادي.. هي تجهل ذلك لكنها المرة الأولى التي يصل فيها  في موعده المحدد.. وجدها ترمقه بنظرات مليئة بالنفور حين وقف أمامها فتأملها متحيرا للحظة كيف يمكن أن يتغير شخص ما بهذا الشكل الكامل فجأة.. قبل اسبوع كانت ترمقه بنظرات رجاء تطلب محادثته فقط واليوم ترمقه بنظرة خاوية كشخص غريب تماما.. استدار ليفتح لها الباب قائلا : دعينا ننطلق

اعتقدت بأنهما سيستقلان الحافلة.. لا شك في أنه استأجر السيارة فهي تعلم بأنه معدوم الحال.. لكن قلقها كان حول مكان ذهابهما.. لماذا يستأجر سيارة من أجل يومهما ؟ ولم تستطع الصمت أكثر حين شاهدته يخرج من المدينة فقالت بقلق : إلى أين نذهب ؟

عاد كلام رفيقتها ليلي التي صدعت رأسه بنصائحها أمس " خذها إلى السينما.. أو مدينة الملاهي.. خذها إلى مكان ساحر.. يجب أن تسلب لبها.. تصرف مثل الأفلام.. "

فتمتم مجيبا : تعرفين حين نصل..

دب صمت رهيب بينهما بعدها.. كلما قابلهما في الطريق هو الأشجار...ورن هاتفها فجأة وكان خلاصها، نظرت إلى الشاشة فهللت بصوت مسموع
" لورا.. لقد نسيت إخبارها تماما.. "

وضعت السماعة على أذنها مسرورة وماكادت أي منهما تقول شيئا إذ بيد فادي تسحب الهاتف من يدها فجأة ، نظرت إليه متفاجئة وماكادت تستفسر حتى أقفل الخط في وجه لورا ووضعه في جيبه قائلا : نسيت إخبارك بأن الهواتف ممنوعة اليوم..

والواقع أنه لم يكن يريد أن تتواصل مع لورا لسبب يجهله حتى هو..لم تستطع أن تعترض لو لم يصدر هاتفه رنة الرسالة فأخرجه ليجد عليه رسالة من أسامة.. تطلع فيها للحظة ثم صدرت ضحكة خافتة من ثغره فاجئت ميرا.. إن هذه الضحكة تجعله يبدو شخصا مختلفا تماما عما قبلها.. شعر بعيونها تحملق فيه فنظر إليها.. استغرقها بضع لحظات لتنتبه على نفسها فتلعثمت مرتبكة " لقد قلت بأن الهواتف ممنوعة.. لماذا تستعمل هاتفك "

خبأ هاتفه مجيبا وقد اختفت تلك الضحكة الصغيرة : إنها ممنوعة عليك أنت فقط

  توقفت السيارة بعد ساعة من السير أمام مزرعة كبيرة.. مصفوفة بالقصب وسط هكتارات واسعة من المزارع غيرها ، بلعت ريقها في توتر بالغ.. هل أحضرها إلى هنا لقتلها..

دخلت خلفه متوترة فلاح لهما بعد لحظات من السير فيلا كبيرة ساحرة تناسقت مع الطبيعة .. حولها مساحة خضراء شاسعة..  ولم تفهم ما يجري حولها حتى اقترب من المدخل الأمامي وطرق الباب فسألته متوترة : ما هذا المكان..

الوقوع في المحظور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن