الذهاب للحفلات الصاخبة

18 7 1
                                    

طه كان شابًا هادئًا ومتفوقًا في دراسته، يعيش حياة تقليدية ومملة نوعًا ما. كانت أيامه مكررة بين الجامعة والمنزل، حيث كانت حياته خالية من الإثارة والتحدي. لكنه لم يكن يعرف أن لقاءه بزياد، زميله الجديد في الجامعة، سيغير كل شيء. زياد كان نقيضًا لطه تمامًا؛ شخصية متمردة، عاشق للحياة الليلية، ومحاط بدائرة واسعة من الأصدقاء الذين يشاركونه نفس الاهتمامات.

بدأت الصداقة بينهما بشكل عادي، ولكنه سرعان ما لاحظ طه أن زياد لديه تأثير قوي على الآخرين. كان زياد يعرف كيفية تحويل اللحظات العادية إلى مغامرات مثيرة، وقد أعجب طه بتلك الشخصية الجذابة والقوية. زياد كان يعتبر الحفلات الصاخبة جزءًا لا يتجزأ من حياته، وكان يقضي كل ليلة تقريبًا في واحدة منها. بدعوة من زياد، قرر طه أن يجرب شيئًا جديدًا ويذهب إلى إحدى تلك الحفلات.

في البداية، كان طه مترددًا وخائفًا من المجهول. لكنه عندما دخل إلى الحفلة لأول مرة، شعر بمزيج من الدهشة والإثارة. الأضواء الساطعة، الموسيقى العالية، والجماهير الراقصة كل ذلك خلق جوًا مغناطيسيًا جعله ينسى كل شيء عن حياته السابقة. شعر طه وكأنه دخل إلى عالم جديد، عالم مليء بالحيوية والإثارة التي لم يكن يعلم أنها موجودة.

كان زياد بجانبه، يقدم له الأصدقاء الجدد، ويشرح له كيف يتصرف في هذه البيئة. تعلم طه كيفية التفاعل مع الآخرين، وكيف يستمتع بكل لحظة دون التفكير في العواقب. كان يرى في زياد مثلًا أعلى للحرية والشجاعة، وكان يعتقد أن هذه الحفلات هي ما كان ينقصه في حياته ليشعر بالسعادة والاكتمال.

مع مرور الوقت، أصبحت هذه الحفلات جزءًا من روتين طه اليومي. لم تعد الحفلات مجرد تجربة جديدة، بل أصبحت ضرورة لا يستطيع الاستغناء عنها. كل ليلة، كان طه ينتظر بفارغ الصبر لحظة الانطلاق إلى الحفلة التالية، حيث يمكنه أن ينسى همومه ومسؤولياته ويعيش للحظة. بدأ طه يشعر بأن حياته الحقيقية تبدأ عندما يدخل إلى تلك الحفلات. كان يشعر بأنه حر وسعيد، وأنه يعيش الحياة بأقصى طاقتها. ومع كل حفلة جديدة، كان يزداد انغماسًا في هذا العالم الجديد، وكان يتعلم كيفية التعامل مع التحديات والمغريات التي تواجهه .

لكن، بعد هذه الحفلات، أصبح طه لا يكترث للدراسة والالتزام بالتفوق والتقديرات المرتفعة داخل الكلية. لم يكن يهتم حتى للحضور، وأصبح كل همه هو استكشاف مغامرات أكثر لم يقم بتجربتها من قبل لتعويض مدى الحرمان الذي عاشه عندما كان كفيفًا. رغم أنه كان يعلم بأن هذه ليست الحرية التي أرادها يومًا ما، إلا أن وجود زياد في حياته كان كافيًا لجعله يخوض تجارب لا يريد حتى المرور بها.

مع كل ليلة تمضي، كان طه يزداد انغماسًا في هذا النمط الجديد من الحياة، متجاهلًا تدريجيًا القيم والمبادئ التي نشأ عليها. كان يتذكر والده الشيخ سليمان، وكيف كان يعلمه قيمة الالتزام والإيمان، لكنه كان يجد صعوبة في مقاومة التأثير القوي لزياد والأجواء المغرية التي يعيش فيها. بدأ يشعر بأن حياته تتجه نحو منعطف خطير، وأنه يفقد ذاته ببطء.

طهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن