شرب الخمر

17 7 1
                                    

في إحدى الليالي، بينما كان طه في إحدى الحفلات الصاخبة، لاحظ أن زياد يشرب كأسًا من الشراب البراق. لم يكن طه قد جرب الكحول من قبل، وكان لديه فضول لمعرفة ما الذي يجعله محبوبًا إلى هذا الحد في تلك الأوساط. زياد لاحظ نظرات طه المتسائلة، وبدون تردد، قدم له كأسًا من الشراب.

كان طه مترددًا في البداية، لكنه تحت تأثير الحماس والإثارة المحيطة به، قرر أن يجرب. أخذ الكأس وشرب رشفة صغيرة. في البداية، شعر بطعم لاذع لم يكن مألوفًا له، لكنه سرعان ما شعر بحرارة تنتشر في جسده، تجعله يشعر بالراحة والاسترخاء. شعر طه وكأن الأعباء التي كان يحملها على كتفيه قد تلاشت، وبدأ يشعر بأنه أخف وأكثر حرية.

مع مرور الوقت، أصبح شرب الكحول جزءًا لا يتجزأ من حياة طه الليلية. كان يشرب كلما ذهب إلى حفلة، وأحيانًا حتى في الأيام العادية عندما يشعر بالضغط أو القلق. كان الكحول يساعده على الهروب من الواقع، وعلى نسيان المشكلات والمسؤوليات. أصبح طه يشعر بأنه لا يستطيع الاستمتاع بالحياة دون أن يكون تحت تأثير الكحول.

بدأت العواقب تظهر تدريجيًا. في البداية، كانت هناك بعض الليالي التي لا يتذكر فيها ما حدث، أو يستيقظ في أماكن غريبة دون أن يعرف كيف وصل إلى هناك. لكنه لم يكن يهتم، بل كان يرى في ذلك مغامرات جديدة يضيفها إلى سجل حياته. كان يعتقد أن الكحول هو المفتاح للسعادة والحرية، وأنه بدونه لن يكون قادرًا على الاستمتاع بالحياة بنفس الطريقة.

بدأت صحة طه تتدهور تدريجيًا. كان يشعر بالإرهاق والتعب، وكانت قدرته على التركيز في الدراسة تتراجع. أصبح يغيب عن المحاضرات ويهمل واجباته، وبدأت علاماته تتدهور. لكن طه لم يكن يهتم، كان يرى في الكحول الحل لكل مشاكله، ولم يكن يدرك أن هذا الحل المؤقت كان يؤدي إلى مشاكل أكبر وأعمق.

لم يكن طه يكترث للذهاب لزيارة والديه أثناء كل إجازة، فكان يظن أنه لم يعد ينتمي لعائلته والقرية والتعاليم والقيم التي نشأ عليها. كان يرى فيهم أعداء لحريته وسعادته، وكان يعتقد أنهم لا يفهمونه. رغم قلق والديه واتصالهم به من حين لآخر، كان يخبرهم بأنه ما زال لديه العديد من التدريبات المتعلقة بمجال التجارة.

بدأ طه يشعر بالوحدة والعزلة، وكان يرى في الكحول ملاذه الوحيد. كلما زادت المشكلات، زاد استهلاكه للكحول. كانت تلك اللحظات التي يشرب فيها الكحول هي الأوقات الوحيدة التي يشعر فيها بالراحة والهدوء. لكنه لم يكن يدرك أن تلك اللحظات السعيدة والمؤقتة كانت تسلبه صحته ومستقبله وحياته الحقيقية.

طهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن