البداية

472 30 10
                                    

كأنك تريد الرحيل إلى مكانٍ تجد فيه نفسك، دون قلقٍ أو خوف، أما والله إن النفس ليثقلها ذلك كله، ثم تقول هي الجنة؛ لا نخاف فيها ولا نحزن
_________

تبدأ قصتنا مع آدم، صاحب ال 25 عامًا، المتخرج من كلية التجارة، شاب قصير ذو بشرة بيضاء، وشعر طويل ناعم، ورفيع الجسد،
كان آدم يستعد لملاقاة أصدقائه ومغادرة المنزل، وما أن وصل إلى باب المنزل حتى أوقفه والده، وقال:

-على فين كده إن شاء الله؟

التفت آدم إليه، وأجاب وهو يتصنع الابتسامة:

-نازل أقابل صحابي.

شعر يُوسف -والد آدم- بالإنزعاج وقال بحزمٍ:
-صليت العصر؟

=هصليه في الجامع يا بابا، سيبني بقى!

نظر يُوسف إلى هاتفه ليتفحص الساعة، فوجدها السادسة مساءً فصاح عاليًا:

-وجامع ايه ده اللي هيكون فاتحلك الساعة ستة؟ ده ممكن يكون هيفتح علشان المغرب! اتفضل حالًا ادخل اتوضى وصلي العصر، وبعدين اتنيل شوف عايز تروح فين!

لم يهتم آدم لكلام والده، وفتح الباب وهو يقول:

-هصلي جماعة مع أصحابي إن شاء الله.

شعر يُوسف بالغضب، ولكنه ابتسم ابتسامة باردة وقال بهدوء:

-تمام يبقى متروحش بالعربية، روح مشي!

زفر آدم بضيق ودخل وأغلق الباب، وذهب الي الحمام وأغلق الباب، ووقف خلف الباب وأمسك بهاتفه وبدأ يتصفح الإنترنت، وبعد دقيقتين خرج من الحمام وقال:

-أنا اتوضيت أهو هصلي وأنزل بقى.

أومأ له والده بالموافقة، فدخل غرفته وأغلق الباب وألقى بنفسه على السرير، واتصل بتائب ثم قال بصوت منخفض:

-أنا جايلك دلوقتي بعد ما أعدي على فيروز، جهز نفسك ماشي؟

ردَّ عليه تائب بصوت نائم

-تمام قايم أهو، بس متتأخرش!
أغلق آدم الهاتف ثم قام من على السرير، وعدل ملابسه، وخرج من الغرفه ليقول لوالده: -خلصت صلاة، ممكن مفتاح العربية بقى؟

وفي مكان آخر كانت تجلس فتاة على الأريكة في شقتها الفخمة، فتاة جميلة ذات بشرة بيضاء وأعين خضراء وشعر بني قصير، كانت تتحدث في الهاتف، وعلى وجهها ملامح الحزن، تقول:

-يا ماما تعالي يوم واحد بس أشوفك، نفسي أشوفك يا ماما، أرجوكي تعالي يوم واحد بس، من يوم ما كان عندي سبع سنين مشوفتكيش، يا ماما أنا عندي دلوقتي أربعة وعشرين سنة، نفسي بس أحضنك ولو مرة، نفسي أجرب حضن الأم، صاحبي آدم قالي قبل كده إن حضن الأم بينسي كل الألم والتعب، وأنا تعبانة ومحتاجة لحضنك، أنا لما بحضن مامته فعلًا برتاح، فتخيلي لما أحضنك أنتِ؟ أمي لو بتحبيني تعالي!

الأخلاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن