الأخلاء

زيارة

في غرفة مظلمة لا يوجد بها ضوء سواء ذلك الضوء البسيط الخارج من المصباح الذي على المكتب الذي يجلس عليه رجل طويل ويرتدي نظارة وأمامه شاب آخر كان كُلاً منهما ينظر الى الآخر في صمت حتى قطع ذلك الصمت صوت الرجل صاحب النظارة وهو يقول:

_" كمل يا تيتو ايه اللي حصل بعد رحتوا عند جد آدم؟ "

نظر تيتو الى الأرض وعقب عليه قائلاً:

_" برغم إن جدي كان مضايق جدًا من وجودنا مع بعض ومش فاهم إزاي الأولاد مصاحبين البنات، إلا أنه رحب بينا جدًا وعملنا أحسن الأكل بعد ما خلصنا أكل طلعنا برة نقعد في الجنينة، رغم إننا كنا في فصل الصيف إلا إن الجو كان برد أوي في الجنينة، وده اللي خلى جدو يولعلنا نار وقعدنا كلنا قدامها نتدفي، قعدنا نتكلم في مواضيع مختلفة لحد ما داليا رنت عليا "

______________
" هاي يا عُمري، أنا بخير ، وأنتِ طمنيني عنك كده ، بجد فرحتيني أوي ، لا بالعكس أنا هكون فرحان جدًا وبالمرة تونسيني بدل ما أنا قاعد لوحدي، ماشي يا عُمري سلام "

نظرت إليه ريما التي كانت جالسة بجانبه وقالت:

_" دي داليا أختك؟... "

وضع تيمور الهاتف في سرواله ثم عقب عليها وهو يبتسم :

_" اه بتقولي أنها هتيجي تقعد معايا، أول ما بابا ينزل القاهرة هتنزل معاه ومش هتمشي تاني وهتكمل دراستها هنا "

= " طيب دي حاجة كويسة بدل ما أنت قاعد لوحدك علطول "

_" عندك حق "

دخل عليهم الجد " حكيم "الذي كان استأذن منهم منذ دقائق ليجلب شيئًا ثم عاد مُمسكًا بِجهاز صغير يُدعى الراديو وقال:

_" أهو أنا بقى هشغلكم حاجة دلوقتي تريح قلوبكم وتزيح عنكم أي هم ممكن يكون موجود على أكتافكم "

ثم قام بتشغيل سورة ق بصوت الشيخ المنشاوي، ولم يمر الكثير حتى كان حكيم قد غرق في دموعه فأجتمع الجميع حوله وهم يقولون :

" مالك بس يا جدو أهدى "

= " الآية دي عمرها ما فشلت أنها تخليني أعيط، مش قادر أتخيل أن كل دي ناس هتدخل جهنم لحد ما ربنا سبحانه وتعالى يسأل جهنم هل أكتفت من الناس ولا لسه في مكان، هترد وتقول هل في تاني؟؟.. أنا بترعب من الآية دي بترعب بجد "

في الحقيقة لم يكن أحد منهم يستطيع أن يدرك لما هذه الآية تبكيه لهذه الدرجة؟ لما هو خائف ويرتجف لهذه الدرجة؟؟...، حاول هشام أن يُهدئة قائلًا:

_" متخافش يا جدي أكيد يعني مش هتدخل النار حضرتك أنسان كويس وبتصلي "

صاح الجد فيه قائلاً:

_" هو الدين عندك صلاة بس الدين حاجات كتير هنسأل عن كل فتفوتة عملناها وآه من ذنوبنا اللي نسناها إحنا وكُتبت في صحيفتنا "