"يا للتعس!".قهوتي التُركية المُرة قد انسكبت على المُستند الذي أترجمه منذ يومين.
أهذه لعنةُ الفراعنة أم ماذا؟
مِصرُ تجعلك تصدقُ العجائب، فهي بذاتها إحدى العجائب.
ربما قد لعنني الفراعنةُ حقًا، فهذا المستندُ تابعٌ لأحد أكبر المستثمرين الإنجليز في القاهرة.
"تبًا، أهذا هو وقتُك أيها الفنجان الأحمق!".
عاتبتُ الفنجانَ بيأس مُزيحًا إياه إلى حافةَ مكتبي بعيدًا عن المستند المُجعد كجلود المُسنين، وكأن الفنجانَ سيعتذرُ الآن ويُرجِعُ سائلهُ البُني إلى جوفه.
رفعتُ المستند من طرفه بأطراف أصابعي أتقزز من منظره المُجعد والماء البني الذي يتقاطرُ على مكتبي نزولاً إلى بنطالي الأسود.
"يا للحظ العثر، من بين كل المستندات!".
انتحبتُ حاملاً المستند إلى سلة القمامةِ بجانب مكتبي البُني ملقيًا إياه فيها.
"سلمى!".
صرختُ مناديًا سكرتيرتي المِصرية، فدخلت بعجل تتفحص مكتبي ووجهي برعب.
"نعم سيد لويس؟".
أجابتني بخوف تضم ملفها لصدرها.
"نادِ العم رضى ليمسح المكتب حالاً".
أمرتها رافعًا نظارتي الدائرية عن جسر أنفي لتستقر فوق شعري الأشقر المُصفف للخلف.
"حاضر سيدي حالاً".
أخفضت رأسها ثم همت تلهثُ قبل أن تركض حتى، هذه الفتاةُ المسكينة تخاف أن تُطرد في أي لحظة لوجود عائلةٍ تعيلها من سبعة أفراد.
هناك من سلمى الكثيرون هنا في القاهرة، وربما مصر.
وقفتُ من مكتبي الغارق في القهوة إلى حيثُ نافذة مكتبي، أتأمل شوارع القاهرةِ التي أحفظها الآن عن ظهر قلب.
سياراتٌ متحدةُ الشكل مختلفةُ الألوان، النساء يرتدين تنوراتٍ قصيرة لما تحت الركبة بقليل، ومعاطف تصلُ لحزام تلك التنانير، وعلى رؤسهن قبعاتٌ عصرية.
والرجال يرتدون بِزّاتٍ وقبعات كذلك، وبأيديهم حقائبهم الجلدية ذات المقابض، كلٌ من النساء والرجال يتزاحمون للوصول إلى عملهم.
الجميعُ نُسخ، نسخٌ من الإنجليز.
لا يُمكنك معرفةُ المصريين من بين الإنجليز هُنا، ربما لإنهم يرون الإنجليز مثالاً للحضارة، حيثُ يمكن لقماشةٍ مفصلةٍ بطريقةً ما جعلك ثريًا بدون مال.
أنت تقرأ
أصحابُ الأرض | TK
Fanfictionتجمعُ الصحراء الإفريقية بين مُترجم محترف للإحتلال الإنجليزيّ وزعيم الأرض المُغتَصبة، فماذا لو وجد المُترجم نفسه ينحاز لأصحاب الأرض باللغة؟ ▪︎ الأحداث التاريخية مزيج بين الخيال والواقع. ▪︎ هذه الفكرة فكرتي الأصلية. Top: JK 1960. cover by me.