٨

494 40 40
                                    


مُغيَبون.

مُغيَبون عن الواقع، صمٌ بُكمٌ عن إبصار الحقائق، تغشانا لذةُ الجهل، وننعم بالتجاهل.

يَعْصُبُ أعيننا المرتعدون من فضح المستور، ويُطْرِبون الآذان بتضليل المَرئِيّ.

ضالون، ونبتغي البقاء في الضلال، لإن نور الحقيقة يَذهَبُ بالأبصار، فلا تعود ترى ظلام الجهل أبدًا.

عُميٌ عن المظلوم، بكامل إتساع البؤبؤات نرى الظالم ونُمَجدُه، ننحني تقديسًا لسطوته، نتغنى بمجده المزعوم.

نكتبُ الأغاني والقصائد للظالم، نُلحنُها، نتراقص عليها، ولا سطرَ يُشير للمظلوم.

منسيون، منسيون في الظلم، نرى العدل ولا نحفل به ولا نخطو إليه، قاعدون ها هُنا في غياباتِ الإنكار، نؤثر التغافل على تجرُع مرارة الضمير الحي.

هكذا أدركتُ حين أريتني العظام والجماجم ساڤ.

نحنُ مُغيبون، أنا مُغيب.

درستُ التاريخ، مجدتُه، سعيتُ أن يكون مقياسي للحياد، ولكنني خُذِلت.

خذلني التاريخ، رقعةُ الحياد الثابتة قد اهتزت، واسقطتني.

كان علي التلثُم بوشاح السخرية لتخفيف لذاعة الحقيقة المرئية، وددتُ لو أجهشُ بالبكاء من هول المشهد، ليس لإنهم موتى، بل لإن تاريخي لا يذكر الموتى.

موتى المظلومين.

ظننتُ أنني على الحياد، وقد كنتْ، ولكن كان حيادي حيادًا عن الحقيقة.

حِدْتُ عن طريق الإبصار، غشتني غمامةٌ التكبر والإعتزاز بما أعرف، وأدركتُ الآن أنني لا أعرف، أنا جاهلٌ بالتاريخ، ملمٌ أشد الإلمام باللغة.

لعلي باللغةِ أهتدي لخفايا التاريخ، لعلي أستنير، وأنتَ قد قتلت إيماني بعلمي البشري المحدود ساڤ، أحرجتَني بوضوحك في الظلم، ليتَك واسيتني بكذبةٍ صغيرةٍ تُذْهِبُ صدمة المعرفة التي لا يشوبها رَيْبة.

ولكن لا رَيبةَ فيما تدركه الأبصار، الموت حولي يَصرخُ بي لأصغي جيدًا لقصصٍ لم تُذكر، ولم يَروِها أحد.

وربما لن يرويها أحدٌ بعدي إذا وقفتْ الحقيقةُ عندي أنا، هل سأتخلى عن الحياد لأُجسد المشهد بالكامل؟

هل كان المشهدُ ناقصًا من الأساس؟

هل ما تم ذكره في تاريخي ناقصٌ طوال هذا الوقت؟

أصحابُ الأرض | TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن