رسونا فوق أمواج الذهب الأسود من الرمال، فالليلُ مظلمٌ أشد الظُلمة، يستحيل أن نرى شيئًا أبعد مما تكشفه لنا مصابيح عربات الحملة العسكرية.يمكن أن ترى سرابًا للمحيط، ولكننا في الليل، لذا فهو التوجس يناور الأبصار.
رفعتُ منظاري الرمادي أحاول أن ألتقط أي وجودٍ بشري هنا، ولكن لا شيء سوى سراب المحيط ذاك، لا يموج بشيءٍ سوى القتامة.
محيطٌ ثابتٌ كثبات البؤبؤات.
عيوننا جاحظةٌ كإتساع الصحراء التي أمامنا، لا أعلم هل ينتظر فيرنر بوقوفه هنا أن يأتي البدو مهلهلين، أم ماذا؟
جنود الحملة يلتفون طوقًا حول عرباتنا، كل واحدٍ منهم يراقب جهةً لعلهم يصطلون لإشارة تدفع الأقدام المترددة للكنز.
يلفحنا البرد، والصمتُ المُطْبِق.
ولكن لا دخل لي، أنا أقفُ أمام إحدى العربات العسكرية أدور بمنظاري في كل صوب، وفيرنر بجانبي يسألني كل ثانية 'أرأيتَ شيئًا؟' وكنتُ أجيبه بالنفي.
بحقك سيد فيرنر هل سيخرجُ البدو بالطبول يزفون لك الأهازيج بقدومك؟ أم تنتظر فِراشًا من ذهب ممهدًا لتخطو عليه؟
إن لم يُغِيروا علينا ناحرين الرقاب بأي آلةٍ بدائية، فلن يكون الترحيبُ بنا حارًا كحرارة الدماء في العروق الآن.
أرجو أن لا تبرُد الدماء على حين غرّة، وأن يُتاح لنا تلاوة الصلوات الأخيرة قبل الوداع.
"أسنقف هنا للعام القادم؟".
سألتُ فيرنر ساخرًا أُخفض منظاري.
"لا، ولكن من الحكمة أن لا تذهب للموت بنفسك، بل أن تدعه يأتيك خاضعًا".
أجابني فيرنر ينظر أمامه دون أن يرمش.
"خاضعًا؟ سيظلُ الموت هو الأقوى إن ذهبت أنت أو أتاك هو".
"اشش سيد لويس".
قطع فيرنر حديثنا الساخن عن الموت في الظلام منحوري الرقاب، يمد يده أمام صدري، فعقدتُ حاجباي مطلقًا العنان لسمعي.
صوتُ حوافر خيلٍ يقرع طبول الأرض قرعًا.
قادمٌ من جهة سراب المحيط، كأن الحيتان على وشك الخروج من قاعه لتلتهمنا داخل أجوافها مُضاعفةِ الظُلمة.
"إنهم هنا".
نطق فيرنر يبتسم كالأخبل، وأنا أنظر بعقدة حاجبي القائمة.
أنت تقرأ
أصحابُ الأرض | TK
Fanficتجمعُ الصحراء الإفريقية بين مُترجم محترف للإحتلال الإنجليزيّ وزعيم الأرض المُغتَصبة، فماذا لو وجد المُترجم نفسه ينحاز لأصحاب الأرض باللغة؟ ▪︎ الأحداث التاريخية مزيج بين الخيال والواقع. ▪︎ هذه الفكرة فكرتي الأصلية. Top: JK 1960. cover by me.