الفصل الثالث

2 2 0
                                    



خرج إلرين من الغابة الكثيفة، ليجد نفسه واقفًا على حافة هضبة واسعة. أمامه كان يمتد وادٍ عميق، يتوسطه نهر جارٍ يعكس ضوء الشمس المتساقط من السماء الملبدة بالغيوم. كانت الرياح تعصف بشعره وتعبث بردائه، لكنها كانت تحمل معه شعورًا جديدًا، شعورًا بالحرية والرهبة في آن واحد.

بينما كان ينظر إلى الأفق البعيد، رأى شيئًا يلمع على ضفة النهر. لم يكن واضحًا ما هو، لكن غريزته دفعته نحو النزول إلى الوادي. بدأ يسير بحذر، متجنبًا الصخور الزلقة والتضاريس الوعرة. كل خطوة كانت تأخذه أقرب إلى مصدر الضوء الغامض.

عندما وصل إلى ضفة النهر، رأى أن ما كان يلمع هو درع فضي، ملقى على الرمال وكأنه ترك هناك عن قصد. التقطه بيده، ولاحظ أن الدرع كان خفيفًا بشكل غير متوقع، لكنه متين وقوي.

أثناء تأمله في الدرع، سمع صوتًا خلفه، فاستدار بسرعة ليجد رجلاً واقفًا على الجانب الآخر من النهر. كان الرجل طويل القامة، شعره أبيض كثلج الشتاء، وعيناه زرقاوان تشعان بالقوة والحكمة. كان يرتدي درعًا ذهبيًا يلمع تحت أشعة الشمس الخافتة، ويحمل سيفًا طويلًا يبدو وكأنه مصنوع من نور خالص.

"إلرين،" قال الرجل بصوت جهوري، "لقد وصلت إلى النقطة التي يجب أن تختار فيها مسارك."

ضيق إلرين عينيه، محاولًا تمييز ملامح الرجل. "من أنت؟ وكيف تعرف اسمي؟"

ابتسم الرجل، لكنه لم يقترب. "أنا حارس هذه الأرض، وهذه النقطة هي المكان الذي يختار فيه المحاربون مصيرهم. إما أن تأخذ هذا الدرع وتواصل طريقك كحامي للنور، أو أن تتركه هنا وتعود إلى الحياة التي تعرفها."

نظر إلرين إلى الدرع مرة أخرى، ثم إلى الرجل. "لماذا يجب أن أختار؟ لقد اجتزت الغابة، واجتزت الاختبارات، لماذا يجب أن يكون هناك خيار آخر؟"

رفع الرجل سيفه ببطء، مشيرًا إلى السماء المظلمة. "العالم الذي تعرفه يتغير، الظلام ينتشر أسرع مما تتخيل. إذا اخترت أن تحمل هذا الدرع، ستصبح جزءًا من الحرب القادمة. ستواجه مخاطر لم تكن تعرفها، وستتحمل مسؤولية أكبر مما تظن."

شعر إلرين بوزن الكلمات يسقط على كتفيه. كان يعرف أن الطريق الذي اختاره لم يكن سهلاً، لكن لم يكن يتوقع أن يحمل مثل هذا الثقل. "وإذا اخترت ألا أحمله؟"

أجاب الرجل بصوت هادئ، "ستعيش حياتك بسلام، لكنك ستظل تشعر بأن هناك شيئًا ناقصًا، شيئًا كان يجب أن تكون جزءًا منه."

وقف إلرين صامتًا، يحاول استيعاب الخيارات أمامه. كان الدرع يلمع بين يديه، وكأنه يدعوه لاختيار الطريق الأصعب. لكن ما كان يقلقه هو ما يعنيه هذا الاختيار. "ما الذي سيحدث لي إذا حملت هذا الدرع؟ هل سأفقد نفسي في الحرب؟"

ابتسم الرجل ابتسامة مريرة. "لن أخدعك، الطريق أمامك مليء بالصعاب. ستواجه أعداء أقوى منك، وستضطر لاتخاذ قرارات صعبة. لكنك أيضًا ستجد قوة في داخلك لم تكن تعرف أنها موجودة."

نظر إلرين إلى الرجل بعينين متسائلتين. "لماذا أنا؟ لماذا تم اختياري لهذه المهمة؟"

تقدم الرجل خطوة نحو النهر، وعيناه تلمعان بالغموض. "لأنك الوحيد الذي يملك القدرة على تحقيق التوازن بين النور والظلام. قد لا تفهم هذا الآن، لكن ستدركه في الوقت المناسب."

تنفس إلرين بعمق، ثم قال بصوت مليء بالعزيمة، "إذا كان هذا هو قدري، سأقبله. سأحمل هذا الدرع وسأواجه كل ما ينتظرني."

انحنى الرجل برأسه احترامًا، ثم قال، "إذاً، لقد اخترت مسارك. تذكر دائمًا أن النور الذي تحمله في داخلك هو أعظم سلاح لديك. لا تدعه ينطفئ مهما كان الثمن."

ابتعد الرجل خطوة إلى الوراء، ثم بدأ يتلاشى ببطء حتى اختفى تمامًا، تاركًا إلرين وحده على ضفة النهر. كانت الرياح تهب بقوة أكبر الآن، وكأنها تدفعه للمضي قدمًا.

وضع إلرين الدرع على صدره، شعر بالقوة تتدفق من خلاله كما لو أن الدرع كان ينبض بالحياة. ثم استدار وبدأ يسير باتجاه الجبال البعيدة، حيث كانت رحلته الحقيقية تبدأ الآن.

كان يعلم أن الطريق أمامه مليء بالمخاطر، لكنه كان مستعدًا لكل شيء. لم يعد ذلك الشاب الخائف الذي دخل الغابة لأول مرة. الآن كان محاربًا، حاميًا للنور، ورغم كل ما قد يواجهه، كان يعلم أن النور سيظل يرشده نحو النصر.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مع اطيب التحيات
دنيا كمال

حكاية النور: رحلة العناصر الثلاثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن