خرج إلرين من الجبل ووجد نفسه في وادٍ شاسع تحيط به الجبال من كل جانب. السماء كانت رمادية والضباب يغطي الأرض، مما جعل من الصعب رؤية ما أمامه. كانت هناك برودة في الهواء، لكنها لم تكن تأتي من الطقس فقط، بل من إحساس غريب بالخطر كان يحيط بالمكان.
بينما كان يسير عبر الوادي، سمع صوت خطوات تقترب منه. توقف وحاول التركيز على الصوت. بدا وكأنه آتٍ من خلف الصخور الكبيرة التي كانت تملأ الوادي. لم يكن إلرين متأكدًا مما يقترب منه، لكنه كان يعلم أنه يجب أن يكون مستعدًا.
أمسك بسيفه بحذر، ووضع يده على الدرع الفضي الذي وجده بالقرب من النهر. كان يشعر بالقوة تتدفق من خلاله وهو يقف مستعدًا لأي شيء قد يأتي. فجأة، ظهر أمامه مجموعة من الكائنات التي لم يرَ مثلها من قبل.
كانت تلك الكائنات تشبه البشر، لكنها لم تكن بشرية بالكامل. كانت أطول وأكثر نحافة، بعيون تشع باللون الأحمر وجلودهم رمادية شاحبة. كانوا يرتدون دروعًا سوداء وأسلحتهم كانت مشعة بنور غامض.
تقدم أحدهم، وكان يبدو أنه قائدهم، نحو إلرين. "من أنت؟" قال بصوت بارد وخشن، "وما الذي تفعله في أراضينا؟"
شعر إلرين بضغط لا يمكن إنكاره من قوة الكائنات أمامه، لكنه حاول أن يبقى ثابتًا. "أنا إلرين، وأنا هنا لأجد طريق النور وأحميه من الظلام."
ابتسم القائد ابتسامة ملتوية، وكأن الكلمات كانت مجرد دعابة بالنسبة له. "النور؟" قال بازدراء، "هذه الأرض لم تعرف النور منذ أجيال. كل ما ستجده هنا هو الظلام. وإذا كنت تبحث عن النور، فأنت في المكان الخطأ."
تقدم إلرين خطوة إلى الأمام، محاولًا إظهار الشجاعة رغم الخوف الذي كان يحاول أن يتسلل إلى قلبه. "أنا هنا لأنني أعلم أن النور لا يمكن أن يختفي تمامًا. هناك دائمًا بصيص منه في أحلك الأماكن."
توقف القائد عن الابتسام، وتحول صوته إلى حدة واضحة. "أنت لا تعرف ما تتحدث عنه. هذا المكان لم يكن يومًا لأصحاب النور. إنه مكاننا نحن، أسياد الظلام."
أمسك إلرين بسيفه بقوة أكبر، وهو يعلم أن المواجهة قد تكون وشيكة. "إذا كان هذا هو الحال، فسأحارب لأجعل النور يعود إلى هذه الأرض."
لم يكن لدى الكائنات نية للتراجع. اقتربوا أكثر من إلرين، محاطين به من جميع الجهات. كان بإمكانه رؤية اللمعان البارد في أعينهم والأسلحة التي كانت تستعد للقتال.
قال القائد بشيء من السخرية، "حسنًا، إذا كنت تريد أن تموت من أجل نورك المزعوم، سنكون سعداء بإنهاء معاناتك هنا."
وفي تلك اللحظة، اندفعوا نحوه، وسرعان ما وجد إلرين نفسه في معركة شرسة. كانت الكائنات تتحرك بسرعة لا تصدق، لكن إلرين كان يستخدم كل تدريبه ومهاراته ليواجههم. كانت ضرباته سريعة ودقيقة، ودرعه يحميه من الهجمات المتتالية.
كان القتال قاسيًا، لكن إلرين كان يقاتل بإصرار. كلما شعر بالتعب، كان يتذكر الهدف الذي جاء من أجله، ويدفع نفسه للاستمرار. كان يعلم أن هذه المعركة ليست مجرد قتال ضد أعداء مجهولين، بل كانت معركة من أجل النور، من أجل الأمل الذي لا يزال يتشبث به.
بمرور الوقت، بدأت الكائنات تتراجع، وأصبح إلرين أكثر سيطرة على المعركة. كان السيف في يده يشع بنور خافت، وكأنه يستمد قوته من إرادته الصلبة. ومع كل ضربة يوجهها، كان النور يزداد قوة، مما جعل الكائنات تتراجع أكثر فأكثر.
في النهاية، بقي القائد وحده، وقد بدا عليه الإرهاق والإحباط. نظر إلى إلرين بعينين مليئتين بالغضب، لكنه لم يستطع أن يخفي الرهبة التي كانت تتسلل إلى قلبه. "كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ كيف يمكن لإنسان أن يتفوق على أسياد الظلام؟"
أجاب إلرين بصوت مليء بالعزيمة، "لأن النور لا يهزم. طالما هناك شخص يؤمن به، فإنه سيبقى حيًا."
وفي لحظة واحدة، اندفع إلرين نحو القائد وضربه ضربة أخيرة، جعلت سيفه يتوهج بنور ساطع، مما أضاء الوادي بأكمله. كان النور قويًا لدرجة أنه جعل الكائنات تختفي في الظل، تاركةً إلرين وحيدًا في وسط الوادي، محاطًا بنور لا يمكن إنكاره.
وقف إلرين يتنفس بصعوبة، وهو يشعر بالقوة الجديدة التي اكتسبها. كان يعلم أن هذه ليست النهاية، بل البداية فقط. مع اختفاء الظلام من حوله، شعر بإحساس بالسلام يغمره. كان يعلم أن الطريق أمامه لا يزال طويلاً، لكن الآن كان يحمل في داخله النور الذي يمكنه من مواجهة أي شيء قد يأتي.
استدار إلرين نحو الاتجاه الذي أتى منه، وهو يعلم أن عليه أن يستمر في رحلته. لكن هذه المرة، لم يكن يشعر بالوحدة. كان معه النور الذي حارب من أجله، وكان مستعدًا لأي تحدٍ آخر ينتظره في الطريق.
~~~~~~~~~~~~~~
مع اطيب التحيات
دنيا كمال