٦- الـحُدُوْد

56 8 0
                                    



. ݁₊ ⊹ . ݁˖ . . ݁₊ ⊹ . ݁˖ . . ݁₊ ⊹ . ݁˖ . . ݁₊ ⊹ . ݁˖ . ݁

وَصَلَ يَوْم إِطْلاقِه بِنَفْسِ الْمَطَر الْمُمِلّ الَّذِي عَلَّم الْكَثِير مِن سَهَراتِهِم مَعًا، قامَ الدُّكْتُور مِين بِمُرَافَقَتِهِ إِلَى مَدْخَل الْمُسْتَشْفى، وَكان التَّوْتُّر فِي الْهَوَاء مُلْمُوسًا، شَعَر جِيمين بِمَزِيج غَرِيب مِن الْإِثَارَة وَالرُّهْبَة بِيَنَما خَرَج إِلَى الْعالَم الْخارِجِي، الْأَمْطار تَبْرِد خَدَيْهِ الْمُحْمَرَيْن.

"تَذَكَّر، جِيمِين، أَنْتَ لَسْتَ وَحْدَك سَأَكُون مَعَك فِي كُلّ خُطُوة عَلَى الطَّرِيق."قَال الدُّكْتُور مِين، صَوْتُه ثَابِتٌ وَلَكِن لَطِيف.

أومأ جِيمِين بِرَأسِه، وكانَت قُبضَتُه قُوِيّة عَلَى باقَة الزُهُور التي أَعطاها لَه الدُكتور مِين امتزَج عَبِير الزُهُور مَع تُربَة الأَرض المُبلَّلة بالمَطَر، تَناقِض واضِح مَع الهَواء النّقي في المُستَشفى الذي اعتاد عَلَيه..

خَطى خُطوة مُتَردِّدة إلَى الأَمام، وقَلبُه كَانَ يَنبَض بِقُوة فِي صَدرِه!

أَشْهُرُ الَّذِي تَلَتْ كَانُوا كالرَقْصَةً حَسَّاسَةً بَيْنَ الشِّفَاءِ وَالْحَنِينِ، حَضَرَ جِيمِينَ جُلْسَاتِهِ الْخَارِجِيَّة بِشُعُورٍ جَدِيدٍ مِنَ الْغُرْضِ، وَجْهُهُ أَصْبَحَ أَكْثَرَ إِشْرَاقًا مِنْ ذِي قَبْل وَأَصْبَحَ أَكْثَرَ جَمَالًا، وَ قَدْ طَالَ شَعْرُهُ الآن قليلاً، كانّ حَرِيصًا عَلَى إثْبَاتِ قُدْرَتِهِ عَلَى إدَارَةِ صِحَّتِهِ الْعَقْلِيَّة.

بِينَما الطَّبِيبَ مِينَ بِجَانِبِهِ، وَجُودٌه ثَابِتٌ كان تَزْدَادُ أَهِمِّيَّةً مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَمُرُّ، حَافِظُوا عَلَى وَاجِهَتِهِمُ الْمَهِنِيَّةِ، لَكِنَّ تَيَّارَ مَشَاعِرِهِمْ كَانَ لَا يُنْكَرُ.

تَطَوَّرَتْ الجِلْسَاتُ لِتَصْبِحَ أَكْثَرَ شَخْصِيَّةً مَعَ خُرُوجِهِمْ خَارِجَ جِدَرَانِ الْمُسْتَشْفَى، حِيثُ تَوَسَّعَ الْعِلَاجُ بِالْفَنِّ لِيَشْمَلَ النُّزُهَاتِ فِي الْحَدِيقَةِ الْقَرِيبَةِ، عَكَسَتْ لَوْحَاتُ جِيمِين اِزْدِهَارَ رُوحِهِ، حِيثُ كَانَتِ الْأَلْوَانُ الزَّاهِيَةُ وَالصُّوَرُ تَشْكِلُ تَنَاقُضًا حَادًّا مَعَ الْمَشَاهِدِ الْمُظْلِمَةِ مِنْ مَاضِيهِ.

شَاهَدَهُ الدُّكْتُورُ مِين بِمُزْجٍ مِنَ الْفَخْرِ وَالْقَلَقِ، حِيثُ كَانَ قَلْبُهُ مُزْقًا بَيْنَ قَسْمِهِ الطَّبِيِّ وَالْحُبِّ الَّذِي نَمَا خَارِجَ حُدُودِ وَاجِبِهِ الطَّبِيِّ.

_________

في إحدى الْأَيَّامِ الشَّمْسِيَّة، وَهُمَا يَجْلِسَانِ عَلَى مَقَاعِدِ الْحَدِيقَةِ وَيُشَاهِدَانِ الْأَطْفَال وَهُمْ يَلْعَبُونَ، التَّفَتَ جِيمِين إلَى الدُّكْتُور مِين، عَيْنَاهُ تَتَلَأَلَأُ بِدُمُوع لَمْ تَذِرفُ بَعْد. "لا أَعْرِفُ مَاذَا سَأَفْعَلُ بِدُونَك" اعْتَرَفَ، صَوْتُهُ يَرْتَجِف.

نَظَرَةُ الدُّكْتُور مِين كَانَتْ مَلِيئَةً بِدَفْءٍ يَتَجَاوَزُ الْعَلَاقَةَ الاحْتِرَافِيَّةَ بَيْنَهُمَا. "أَنْتَ أَقْوَى مِمَّا تَتَصَوَّرُ، جِيمِين"، قَالَ، بِيَدِهِ الْمُرْتَاحَةِ عَلَى كَتِفِ جِيمِين. "لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَجْعَلُكَ تَشْعُرُ بِتَحْسِنٍ، فَأَنَا لَنْ أَذْهَبَ إلَى أَيِّ مَكَانٍ."

شَعَرَ جِيمِين بِشُعَاعٍ مِنَ الأَمَل. "لَكِنْ مَاذَا عَنَّا؟" سَأَلَ، صَوْتُهُ يَكَادُ يَكُونُ أَعْلَى مِنْ هَمْسَة.

نَظَرَ الدُكتور مِين جَانِبًا، فَكَّ كَفَّتَه. "عَلاقَتُنَا مُعَقَّدَةٌ، جِيمِين. لَقَدْ كَرَّسْتُ حَيَاتِي لِمُسَاعَدَةِ الْمَرْضَى، لَا لِلْوُقُوعِ فِي الْحُبِّ مَعَهُم."

أومأ جِيمِين وابَتلَعَ العُقْدَةَ فِي حَلْقِه. "أَعْلَمُ. وَلَكِن فِي بَعْضِ الأَحْيَان، القَلْبُ لَا يَسْتَمِعُ لِلْعَقْلِ."

تَنَهَّدَ الدُكْتورُ مِين، عَيْناه تَتَبادَلانِ عَلى الأَطْفالِ الَّذِين يَلْعَبُونَ عَبرَ العُشْبِ الزُّمْرَدي. "أَنَا أَعْلَمُ، لَكِنْ عَلَيْنا أَنْ نَكُونَ قُوِّيِّنَ لِبَعْضِنا البَعْضِ."هَمَسَ.

أومأ جِيمِين، و وَزَنُ حُبِّهِم الصَّامِت كانّ ثَقِيلٌ عَلَى كَتِفَيْهِ، كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الطَّبِيبَ كَانَ عَلَى حَقٍّ، لَكِن الأَلَمُ فِي قَلْبِهِ كَانَ يَزْدَادُ مَع كُلِّ يَوْمٍ يَمُرّ

تُمْتَ كَبْتُ الْهَمْسَاتِ، لَكِن الشَّوْقَ لِلْمَسَّةِ الطَّبِيبَ مين، فَهْمِهِ، بَقِي حَاضِرًا بِاِسْتِمْرَارٍ.



....


⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.




⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣⌣

يُتبع...

𝐘𝐌 || مَصْدَرُ إِلْهَامِيِّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن