« رسمةٌ لمنْظَرٍ طبيعِيٍّ »
في أحد مناطق ولاية شيكاكو الأمريكية تحت تلك الثلوج البيضاء المتساقطة ڪنتُ وقد نزلتُ من الحافلة قاصدةً تلك الإبتدائية المقابلة لي، مشيتُ للأمام ببطئٍ ورزانة أرفع المظلة حتى لا أنزلق جرَّاء الثلج، عبرتُ الطَّريق ثم وقفتُ قبال البوّابة أبحث عنه بعيوني العسلية، وهاوّ ذا يجلس في مكانٍ قريب رفقة فتى أشقر، لربَّما هوّ صديقه سأكون شاكرةً للإله إن كان كذلك حقا، فأخي الصغير يعاني من رهابٍ اِجتماعي يمنعه من تكوينِ صداقاتٍ.
اِقتربتُ محاولةً لفت اِنتباهه وبالفعل رآني فجاء راكضًا إليَّ والإبتسامة تشق محياه، مدَّ يديه ليعانقني ثم اِبتعد ورفع ورقة بيضاء نحوي والتي كنتُ قد اِنتبهت للتوِّ أنه يحملها، تناولتها بين يديَّ لأرى أنها رسمةٌ لمنظر طبيعيٍّ خلاب، هي ليست بذلك الجمال لكنَّها حقا تدلُّ على أنَّ صاحبهَا يتمتَّع بالموهبة، وأضنني بدأتُ أفهم ما يحدثُ...
_ أختي أترين هذه الرسمة إنها لي، لقد رسمتها اليوم في حصَّة الرَّسم والمعلِّم أعطاني درجَةً عاليةً، وقال أنه سيكون لديَّ مستقبل زاهر بالرَّسم.
أردف بسرعة حتى بالكاد فهمته ثمّ أخذ يجرني من يدي إلى مدرسته، لكنني أوقفته وسحبتُ يدي لأقول متسائلة : يا إلهي يا كيفن مابك؟ إلى أين تأخذني؟
_ إلى داخل المدرسة، المعلم طلب رأيتك.
حسنًا تبعته للداخل وأنا كلي علامات اِستفهام، كان يمشي في الرواق ليدخل قاعة الأساتذة، عبر مكاتب كثيرة ثم وقف عند مكتبٍ يجلس به شاب أشقر في مقتبل العمر، حسنا أنا لا أبالغ ولكنه عندما رفع مقلتيه الخضراوتين أمامنا شعرتُ بالزمن يتوقف... لقد كان وسيما حد اللعنة، يمتلك وجها مفصلا وأنفا أنيقا، شفاهه كانت ممتلأة وكرزية إذا ركزت بها تظن أنها قد رسمت، شعره كان مموجا أصفرًا ذهبيا يصل إلى أذنيه، بينما حواجبه كانت غليضة ومرسومة بشكل متقن، وعلى وجنتيه تناثرت حبات النمش التي زادته إلا سحراً وجمالاً.
أنا لا أعرف كيف بدى شكلي وقتها لكنني متأكدة أنني تهت فيه، وما برهن لي ذلك أنه رفع كفه البيضاء ولوح أمامي بها، فاِبتسمتُ ببلاهة وغباء ثم أردفت بنبرة متعلثمة : اه.. م.. مساء الخير. بعد جملتي التي عانيتُ وأنا أرتب كلماتها وحروفها رغم قصرها وبساطتها، رمقني باِبتسامةٍ جعلت قلبي يدق بصغب لدرجة أنني ضننتُ أنه قد سمع دقاته، يا إلهي ما أجمل إبتسامته.
_ مساء الخير آنستي، لا بد وأنكي أخت كيفن التي أخبرني أنها تسطحبه دائما من المدرسة، أنا المعلم كيفن آلبيرت الخاص بالرسم، سررتُ بمعرفتكِ.
ثم مدَّ يده يصافحني، هل يمزح أنا بالكاد أتحمل رؤيته فما بالمك لو لامست بشرتي خاصته، لكنني ضغطتُ على نفسي ومددتُ خاصتي أصافحه، وقلتُ بهدوءٍ : مرحبا سيد ستيفن، أدعى فانيسا مارك، دكتورة نفسية، سعدتُ بمعرفتك أيضاً.
أنت تقرأ
Just an illusion
Romanceمَا كَان حُبها لهُ سِوى خيارًا من القدَرِ حتَّى تتدبَّرَ و تُنقضهُ من ما فيهِ، و مَا كَان غَدرهُ لهَا سوَى محفِّزٍ لبدأ معركَةٍ شنيعَةٍ لا تُحمد عُقباهَا بين الطَرفينِ. عِندما تجتَمعُ الدرَامَا و الكومِيديا في رِوايةٍ تعالجُ المُجتمعَ فإنهَا ستكُون...