حِبالُ الماريونت <٥>

1.1K 48 50
                                    

_بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
الفصل الخامس: مُخططٌ غامض.
{رأسٌ لا يُحطَم.}

سارت فِي مزرعةٍ واسعة الأفق، بفستانٍ أبيض نظيف أسفل أشعة الشمس حتى شعرت بأنهُ تهوج وأنار روحها بدفئه، بينما مرت عيناها العسلية على الزهور بتلذذٍ فشعرت بسكينة غريبة تجتاح كيانها، وراحت تسير بلا وجهة، لكنها كانت سعيدة، ربمَا تعثرت كثيرًا في طريقها وفي كل مرة أتسخ فستانها الناصع، لكنها ظلت تنهض حتى أصابها الكِبْر بأنها ستظل تنهض، فبالنهاية سقطت في حفرةٍ غائرة أوقعتها داخل طريقٍ ضيق، مُعتم، طويل بطريقة خانقة، وحينما رفعت عيناها للأعلى تبتغي العودة، أصابها الخوف بعدما لم ترى سوى سمائًا حالكة السواد، والحفرة أختفت كما لو أنها لمْ تتواجد من قبلٍ، فظلت على الأرض وأحتضنت كفيها بمنتهى الحزن ورأت فستانها مُغلفًا بالسواد.. والخطايا.

أنتفضت سيڤار من فوق الفراش لاهثة وأنفاسها تتصاعد وتتهابط وكأنما تمزق صدرها بوجعٍ لم تحتمله، وكأنها ظلت تركض لأكثر من ساعة، فمدت يدها بسرعة وسحبت علبة مسكناتها تلتقط منها حبتين ثم وضعتهم في فمها وأبتلعتهم بكوبٍ من الماء كان موجود مُسبقًا، وراحت تلهث لعلها تسترجع نفسها المسروق، وبسبب طبيعة خمولها تطلب الأمر منها بضع لحظات لتستطيع إدراك أن ما مرت به لمْ يكن سوى كابوسها المُعتاد، فأستندت على خشبة الفراش وراحت تتأمل سقف الغرفة بتساؤل خامل 'لربمَا تلكَ الليلة لو لمْ أهرب من أليخاندروا.. لربمَا لو كنتُ رضيت بمصيري وتوقفت عن التذمر، لكانت حياتي أفضل بكثيرٍ.. لربمَا حينها لمْ أكن لأعرفك يا چون سانتيغو'.

رفعت كفها المرتجف ثم مسحت جبهتها المُتعرقة، وأنكمشت تضم قدميها لصدرها بلحظة ضعفٍ لم تكن أبدًا لتظهرها سوى لنفسها، وتسائلت بمنتهى الضياع:

"كيفَ بت هُنا.. وأين ذهبت كُنيتي يا ربي؟ أين ذهبَ إيماني؟ وكيف تنازلت عن مبادئي؟ لماذا أنا ضللت طريقي ولازلت ضالة؟ ولما لمْ أعد أستطيع مُساعدة نفسي؟"

"دعيني أساعدك يا سيڤار."

أخترق صوته الغليظ مسمعها، فتساقطت دموعها ورفعت رأسها للزاوية المظلمة بلومٍ أستطاع أن يشعر به يتغلغل مشاعره، لكنه لم يعترض، على النقيض تمامًا تقبل ذلك الشعور لأنه صدر من فراشته وله وحده.

"لمْ يعد يهمني يا چون.. لن تستطيع أن تساعدني هذه المرة، ليس لأنني لا أريد فقط.. بل لأنك وحدكَ من وضعني في تلكَ الحالة التي حتمًا لم تدركها بعد."

تراجع بظهره على الكرسي ليستثنى لهُ تأملها بصورة أكبر، وبرغم أنها لا تراه تأكدت من تلكَ المعلومة بعدما سمعت صوت إحتكاك قميصه بالكرسِي الجلدي، وهذا دل على وصول مخذى كلامها له فأجاب:

"وأنا لمْ أدرك بعد تلكَ الحالة، ليس لأنني لا أستطيع، بل لأنني لست مُستعدًا لأي سخافات يا سيڤار."

After the end	 || بعد النهايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن