إستقبالٌ شبه وديّ <٤>

1.1K 57 62
                                    

_بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
الفصل الرابع: إستقبالٌ شبه وديّ.
{آلِ هاريسون.}

مدت كفها تتحسس المقبض بأستكشافٍ بطيء وكأنما تتحسس وردة شائكة سوداء، لا رائحة لها ولا رحيق، وحين أنغمست أناملها حول مقبضه الشائك ذابت عيناها الفاتحة في مرارة الإشتياق. كانت قد نست كم أحبته.. ونست كيف كانت تهاجمها هالته الرجولية.. لتخنقها.. لتسرق منها حياتها وروحها وبرغم ذلكَ، أرتفع ثغرها في بسمة ماكرة، وعيناها غائمة في عالمٍ أدهم غير ملموس، مُتوعدة لإسترداد ما فقدتهُ.

فتحت الباب ببطىءٍ ثمَ دلفت بلا ضجة وراحت تتحسس العتمة بأبصارها باحثة عنهُ، فوجدته في هيئة سرقت أنفاسها بل وأجبرت تبلدها على الإنهيار وأذابت برودتها. كان يواليها ظهره العريض وبشرته القاسية ألتمعت أسفل ضوء القمر في الظلامِ بصلابة وكأنمَا جَسّد الشيطان بخطيئة مُحرمة لمْ تستطع ألا تستلذ بها، فسحبت شفتها السفلية بين أسنانها وأستندت على الباب بعدما أغلقتهُ، ثمَ تأملت خِصاله الجديدة بشرودٍ مُتأثر.. فهامت في شعره الداكن الذي ناسب وشوم بنيانه الأشد عتمة على بشرته اللامعة مِما أعادها للماضي ولهيمنته السادية عليهَا. كانت مآخوذة بالطريقة التي رفع بها ذراعه العريض للستار يزيحه أكثر ليراقب ظلام الوحشية بالخارج وكأنما ينتظر حضورها.. باحثًا عنها بلا ملل، وبدى أنهُ شرد في ذكراه معهَا حتى عجز عن رؤية عودتها، فجف فمها وأنكمشت ضد الحائط أكثر، وأصدرت لهثة ضعيفة جدًا لتستطيع سماعها..

لكنهُ سمعها.!

فتصلب جسده وجمدت عيناه عدة دقائق في الفراغِ بعدما سارت فيه كهرباء غريبة أستلذها وأستنكر شدة حلاوتها، ولمْ يستطع أن يُقاوم تجمد حواسه بل الأنفاس التي أمتنعت عن السير إلى قصبتهِ الهوائية وباللكاد أستطاع رمي أبصاره على إنعكاسها المشوش في الزجاج المُعتم بلا تصديق، وظل يتأملها لدقائق طويلة عذبته، وألهبت جروحه ومزقت طقوسه كُلها يتنظر تلاشيها كأي حـُلم أبتغاه.

مرت دقائق طويلة بينما تراقب ظهره ويراقب هو إنعكاسها.. إلى أن رحم نفسه ورحمها من العذاب وألتفت أخيرًا ببطىءٍ مُغريّ، ليناظرها..

وهُنا مات المنطق في مفاهيمه بينمَا عيناه الباردة الخالية من الرحمة والشعور تلوح للوحشية البدائية.. ربمَا أبشع من الوحشية التي عهدتها لكنها كانت تنتمي لهُ فلم ترفضهَا.. ووقتها.. ووقتها فقط كل الليال التي ظلت تبكي فيها بلا إنقطاع ظنًا أنها لن تبكي أمامه باتت سخيفة وبلا فائدة، فها هي تبكي مُجددًا، وهاك دموعها تنزلق على طول وجنتيها لترويها، فتمردت قطرة جريئة تتسحب على عنقها، ثمَ تلاشت خلف حمالة صدرها المَرفوع.

ردائها القصير لمْ يستر حتى ملابسها الداخلية السفلية؛ فهو لمْ يكن سوى فستان سخيف لمْ يحجب تقاسيمها التي حفظها عن ظهر قلب.. فدنى نحوها بخطًا بطيئة ليتأملها بشرودٍ غامض لمْ تكلف نفسها لفهمه، وحين بات أمامها وجهًا لوجه، أصدرت لهثة مُثارة تنكمش أمام جسده الذي إبتلعها تمامًا وكأنمَا هو كيانٌ أستحوذ على جوارحها أطغى من الماضي وأشد خطورة.

After the end	 || بعد النهايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن