"اللهم ارزقنا الشهادة قبل الموت
وارزقنا حسن الخاتمة "
إنَّما أشكُو إليهِ، حُزْنِيَ الذي لا صبرَ لِي عليهِ. لماذا نحتفظ بالحزن في أعمق مكان لنا بالقلب، والسعادة نجعلها سطحية. كم مؤلم أن تنهار من الداخل، وتبقى روحاً لا تشعر ولا تُحس، وتظل رغم الموت تبتسم للجميع.
تعاقبت الأيام سريعا على رهف، ورغم مرور الأيام إلا أن الخوف تعاظم بصدرها، ماذا ستفعل بعدما تصبح زوجته
جلست تنظر لفستان زفافها بوجه شاحب، بعدما كان وجهها يشبه القمر ليلة تمامه، لقد انطفئ نوره رويدا رويدا..بسطت أناملها تتحسسه وانزلقت عبرة غادرة من طرف جفنيها..أزالتها سريعا، فهي الآن تعيش حالة غريبة في خضم أحاسيس ارهقتها وأثقلت تفكيرها للتعايش على حياتها الجديدة..قطع شرودها مع نفسها طرقات خفيفة على الباب
ولجت الخادمة إليها :
- الأستاذ بدر جه برة يادكتورة وعايز يقابل حضرتك..أومأت برأسها قائلة:
-تمام روحي قوليله شوية وخارجة..خرجت العاملة متجهة إليه، نهضت من مكانها متجهة لخزانة ملابسها وارتدت فستانا أنيقا باللون الأزرق الغامق وحجابا باللون الأوف وايت، وخرجت لمقابلته
كان يجلس بجوار والدتها يتحدثون في ماضي مازالت أثاره تلاحقها، لا تعلم لمٓ تغير هكذا، ماذا حدث لكل هذا التغير، راقت لحديث قلبها الذي أجزم أنه يظهر قسوة عكس ما بداخله، ابتسمت بخفة ،فمهما يظهر من قسوة لا تناسب شخصيته ناهيك عن تربيته التي تركها والده ستشفع له
-مساء الخير..قالتها بصوتها الهادئ الذي يشبه آلة الناي
نصب عوده متوقفا يعانقها بنظراته، فمنذ اسبوعٍ لم يلتقيا
-عاملة إيه يارهف؟!
اتجهت إلى المقعد الذي يقابله وأجابته:
-الحمد لله إنت عامل إيه؟!
توقفت والدتها حتى تترك لهم مساحة من الوقت
-هجهز العشا، بدر لازم تتعشى معانا
أومأ برأسه دون حديث..تحركت والدتها للداخل، بينما هو توقف متجها إليها
-مبترديش على التليفون ليه..نظرت إلى تحرك والدتها حتى اختفت عن أنظارهم ثم اتجهت إليه موبخة إياه
-أكلمك ليه، متصدقش بجد إنك خطيبي، احنا بينا اتفاق ياحضرة الأستاذ، ياريت تفضل على قرارك
جذب كفيها يضغط عليه بقوة آلمتها، يجز على أسنانه مزمجرا بها بغضب:
-انا من وقت ماربطت كلمة مع والدتك يبقى إنتِ في مقام مراتي، وعلى هذا الأساس تتعاملي معايا
نفضت كفيها متألمة:
-ابعد ايدك وإياك تلمسني تاني، طول ماانت بتعاملني كدا فأنت قدامي متهم حولت حياتي لجهنم، وإياك تفكر انك قوي وأنا ضعيفة، انا عملت كدا عشان والدتي وبس، إنما لو خيروني بينك وبين موتي هختار موتي ياحضرة الافاكوتو..أنهت حديثها بأعين يتطاير منها الشرر، كان يطالعها بنيران جحيمية تخرج من مقلتيه فأشار بسبباته:
-اوعي تفكري انك ملاك برئ، وأنا عند رأيي فيكي انك حاملة دم ابوك اللص
-اخرص بقى ياأخي، هو انت مش وراك حاجة غير إنك ترمي الناس بالباطل، بس هقول ايه، انسان هجمي بيقنع الكل برأيه
-رههههف..قالها من بين أسنانه، وهو يسيطر على نفسه حتى لا يصفعها رفع نظره إليها وأشار محذرا
-متخلنيش أتعامل معكي بطريقة تانية، اللي شافعلك مامتك وبس، الست دي متستهلش اقلب عليكي
قطع حديثهم الخادمة:
-السفرة جاهزة يادكتورة..
-تمام روحي وأحنا جايين..استدارت بجسدها للتحرك جذبها بقوة من خصرها حتى أصبحت بأحضانه بالكامل
تواصل بصريا متزامنا مع تأوهها عندما ضغط بقوة على خصرها كأنه يعتصرها بداخل أحضانه وزمجر بصوت غاضبا:
-اتلمي حبيبتي بعد يومين هتكوني في بيتي وفي حضني كمان، ياريت تحترميني أكتر من كدا
ارتسم الألم داخل مقلتيها محدقة فيه بوجوم تشعر بقبضة تعتصر قلبها، فهتفت بهدوء رغم نيران قلبها المشتعلة
-بدر سيبني ماما تقول ايه
انحنى حتى أصبح قريبا من وجهها وداعب وجهها بأنفاسه الحارة
-هتقول ايه غير اتنين مخطوبين وفرحهم بعد يومين
شعرت بذبذبات بكامل جسدها لا تعلم ماهيتها، حاولت التملص من قبضته ولكنه كان الأقوى
رفعت بصرها عليه وعيناها اعكست نظراتها الغاضبة اتجاهه حتى شعر بكراهيتها له
تمكن من الضغط على أعصابه بصعوبة، ثم سحبها متحركا ومازال مطوق خصرها لكن بقوة أقل رافعا وجهه بشموخ وهو يتحرك بجوارها، وكأنها تتحرك معه برضاها وليس رغما
رفعت كوثر نظرها لدخولهما وناظرتهم بابتسامة
-تعالوا ياحبايبي، انزلت كفيه بهدوء متجهة لمقعد بعيدا عنه، ولكنه كان الأسرع وجذب المقعد الذي بجواره يرمقها بثبات
-اتفضلي ..رفعت نظرها بغضب محموم يكاد يندلع من حدقتاها
ابتسم بسخرية وهو يشير بعينيه على المقعد
جلست دون حديث، أشارت كوثر للطعام
-اتفضل ياحبيبي وبعد العشا يبقى نكمل كلامنا
قطبت جبينها متسائلة:
-كلام ايه ياماما!!
أشارت الى بدر وهتفت:
-بدر عايز يعمل فرح، قالي انك طلبتي منه وهو مش حابب يرفض، طيب ليه مقولتيش حبيبتي
استدارت إليه سريعا ترمقه بنيران جحيمية
-أنا قولتلك عايزة فرح..بدأ يلوك طعامه بهدوء، ثم رفع نظره وتقابلت عيناهما بنيران كلا منهما للأخر
-مقدرتش تطلبي مني حاجة يارهف وأرفض، وكمان دا من حقك، وخاصة انك أول مرة تتجوزي
كانت أنفاسها تتسارع حتى شعرت بتوقف نبضها بسبب زيادة النبض..ضغطت على السكين الذي بيديها
فابتسم بتسلية يشير إلى كفيها الممسك بالسكين، فانحنى يهمس لها
-براحة ياروحي، ممكن تتصابي بجلطة لا قدر الله
-روحي..هي لم تركز سوى بكلمة روحي..ابتعدت بنظرها عن عيناه الصقرية التي تخترقها
تنفثت بتثاقل فوجوده بالقرب منها يجعلها تحبس النفس بصدرها..قطع شرودها مع نفسها عندما هتفت والدتها :
-الفستان حلو اوي يابدر، تسلم ايدك
التفت يطالع تلك الصامتة فابتسم بسخرية عندما لمعت عيناها بالدموع فأجاب كوثر
-رهف غالية ياطنط ولازم تلبس الغالي..أومأت برأسها مبتسمة وهي تربت على ظهرها
-رهف دي نسمة حياتي يابني ..كانت عيناه ثاقبة على ملامحها بصمت ..رفعت عيناها له وتحدثت:
-فكرت في موضوع الفرح دا وقولت بلاش منه
نهض بعدما مسح فمه بالمحرمة قائلًا:
مينفعش انا حجزت الفندق خلاص، وكمان الفستان جه، شوفي ناقصك إيه
أطبقت على جفنيها عندما شعرت تسارع نبضها، فكلما تتذكر أنها ستصبح زوجته يتفتت قلبها
نهضت بعدما تحدثت كوثر
-روحي حبيبتي مع خطيبك، وأنا هخليهم يعملولكم قهوة
ذهبت بساقين مرتعشة تنظر إلى ظهره وهو متحركا لغرفة الصالون
وصلت إليه ثم جلست بعيدًا عنه بعض الشئ، جلس يضع ساقا فوق الأخرى وبدأ ينفث تبغه بهدوء دون حديث، طالعته غاضبة
-ممكن اعرف ايه لزوم الفرح، وليه قولت عايزة فرح
نفث تبغه وهو يطالعها بصمت للحظات وعيناه تراقب ملامحها الجميلة
-أنا جيت علشان اسألك سؤال واحد وياريت تجاوبي عليه، اينعم جوازنا مش عادي، لكن أنا راجل شرقي
تنهدت بصوت مرتفع ثم تحدثت:
-اسأل وعلى مااظن لو عندي الأجابة هقولك
-ايه حكايتك مع الظابط..ضيقت عيناها غير مستوعبة حديثه ، ثم تسائلت:
-مش فاهمة تقصد إيه !!
نهض متجها إليها ، جلس بجوارها على بُعد خطوة وتسائل:
-الظابط اللي كان هنا اخر مرة
تراجعت بجسدها للخلف
-دا سؤال ولا شك..رفع سبباته بتحذير:
-اياكي تتخطي حدودك معايا، انا لو عندي شك كنت مستحيل اربط اسمك بيا
أطلقت ضحكة على غير الموقف وتحدثت تثير غضبه:
-شاكك!!، ايه ياحضرة الافوكادو، دا انت مجوزني علشان شاكك اني متهمة، اوزن كلامك ياحضرة، ماهو لو متأكد مكنتش اتجوزتني علشان تنتقم
وصلت العاملة بالقهوة..أشارت على المنضدة
-حطيها هنا، استمعوا إلى طرقات على باب المنزل، نهضت متجهة لفتح الباب
وجدت ذاك الذي أمسكها بعنف
-ايه اللي سمعته دا، أنتِ اتجننتي، عايزة توصلي لأيه، أنتِ قولتي انك هتبعدي تفكري، مش تلاقي غيري
استمع لصوتها مع شخصًا اخر، تحرك إليهما
-ايه اللي بيحصل هنا
ارتجف جسدها من صوته، استدارت له محاولة السيطرة على نفسها
-دا أيوب..هو. .هو، اتجه أيوب إليه يطالعها بعينًا ثاقبة، فدنى قائلًا:
-اهلا يااستاذ بدر..رفع بصره للتي تقف منكمشة، تناظره بعيونا متألمة
-مكنتش اعرف عندكم ضيوف
ضيق بدر عيناه، وهنا ثقب الشك قلبه من ملامحها المنكمشة، فاقترب يحاوط خصرها، ثم نظر إلى أيوب هاتفا بمغذى
-ايه ياروحي مش تعرفي حضرة الظابط أن فرحنا يوم الجمعة
باغتها أيوب بنظرة مطولة، فتكورت عيناه بالعبرات، واقترب ناسيًا بدر ثم تحدث بهدوء رغم إحتراق قلبه:
-مبروك، ياريتك عرفتيني كنت جبتلك هدية وأنا جاي ..قالها واستدار متحركا سريعا..انزلت يد بدر، وهرولت خلفه
-أيوب..توقف يواليها ظهره
اقتربت منه وانهمرت عبراتها ممزوجة بقلبها الذي نزف، وقفت خلفه وهتفت
-أيوب!! استدار وطالعها بنظرات متألمة
-مبروك يارهف، كنتي عرفيني بدل ماانا منتظر بقالي سنين تتلعبي بمشاعري، قالها وتحرك من أمامها
كان يقف خلفها، زفر الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة،محاولا التغلب على شياطين غضبه من دموعها التي انزرفت على ذاك المختل كما أطلق عليه
استدارت وجدته واقفًا وعيناه ترسل لها سهام مشتعلة بالشك جعلت قلبها ينبض بعنف، اقترب منها وجذبها من رسغها
-قوليلي فيه ست محترمة، تسيب خطيبها وتجري ورا حبيبها يامحترمة
أزالت عبراتها بقوة، ورمقته بنظرات نارية هاتفة بمقط
-اولا دا مش حبيبي، ثانيا والأهم أنا محترمة غصب عن أي حد، ثالثا ودا الأهم انا بكلمه على السلم قدام الكل..وانت مش جوزي علشان تتكلم معايا كدا
انكمشت ملامحه بتعبير ساخرًامع نظرات متهكمة:
-اومال ايه اللي حصل دا؟!
ضغط على رسغها مزمجرا
-جهزي نفسك يادكتورة بكرة هجي نكتب كتابنا، وقتها عايز أشوف لسانك الطويل دا هيتمادى ولا لا
قالها وتحرك للخارج دون حديث آخر
ولجت للداخل والمًا بقلبها يكاد يفتك بها، استندت على باب منزلها مستندة بظهرها عليه
-يارب جمّلي قدري، ربنا يهديك يابدر، شكلنا هنتعب بعض أوي
وصلت والدتها تنظر إليها متعجبة من وقفتها بتلك الحالة
-رهف واقفة كدا ليه حبيبتي!!
اعتدلت مبتسمة ثم أشارت على الباب
-لا بدر مشي، فكنت بقفل الباب، وشكلي شردت شوية
ربتت والدتها على كتفها
-بدر ابن حلال، عارفة إنك لسة متأثرة من سوء الفهم، بس اضمنهولك، اصلي عارفة تربية هاني القاضي، ولو كنت شاكة فيه، كنت مستحيل اقبل بجوازه منك
بصوت مفعم بالبكاء ورعشة أصابت جسدها
-ماما !!
ألقت نفسها بأحضان والدتها وسيطرت على آهات قلبها:
-هو باين عليه كدا ياست الكل، لكن فيه حتة الغرور شوية
استمعوا إلى طرقات على باب منزلهما، استدارت تفتح إذ بها تنصدم من تلك التي تقف أمامها
-عاملة إيه ياعروسة، قالتها وولجت للداخل، تنظر إلي والدتها
-عاملة إيه ياانطي..تحركت كوثر للداخل
-اهلًا يابنتي، عاملة ايه ؟!
ولجت انجي بجوارها
-كويسة الحمدلله ، اتجهت بنظراتها إلى رهف
-جاية أشوف لو رهف محتاجة حاجة
جلست رهف تشير بيديها
-غريبة ياانجي، يعني من اسبوعين كنتي بتبري مني، دلوقتي اختك
رجعت بظهرها تضع ساقًا فوق الأخرى
-آسفة ياروحي، كنت مضايقة وجت فيكي، ودلوقتي انا جاية اعتذر ولو محتاجة حاجة أكيد هتلاقيني، متنسيش إننا اخوات
رجعت خصلاتها للخلف ثم أومأت برأسها
-طبعا طبعا ياأنجي، نهضت انجي تمسك كفيها
-طب ياله وريني اشتريتي ايه علشان الفرح
كانت تطالعها بصمت، ولم تبد أي ردة فعل، ولكنها تحدثت عندما توقفت تطلب من ابنتها الدخول في تفاصيل حياتها فهتفت :
-حبيبتي نسيتي كنتي بتقولي عايزة تروحي لصاحبتك
دققت النظر لوالدتها ففهمت ماتريده
-نسيت ياماما، لازم اجهز دلوقتي علشان ارجع بدري، نشوف ناقصنا ايه قبل الفرح
عقدت انجي ذراعها تنظر حولها بمقت فلقد ذهبت خطتها هباء
باليوم التالي وهو اليوم المقرر بعقد قرانها، جلست بغرفتها تنهي زينتها، ولجت صديقتها
-اجمل عروسة دكتورتنا، ابتسمت رهف وهزت رأسها
-ميرسي يانسمة، عقبالك ياقلبي..جلست بجوارها تمسد على خصلاتها
-انتِ جميلة اوي يارهف، وان شاءالله بدر يكون عوضك عن أيام الوجع اللي عشتيها كلها
ألقت الفرشاة ونظرت إليها بأعين مترقرقة
-أيوب جه امبارح واتواجه مع بدر..هزت رأسها منتظرة تكملة حديثها
ابتلعت غصتها وأسترسلت
-أنا ضايعة ومش عارفة أعمل ايه يانسمة، مش عارفة اخد قرار
دنت نسمة وضمتها لأحضانها
-أيوب!!..هو مش إنتِ قولتي إنه مش في بالك ومجرد صداقة
بحزن لون ملامح وجهها حتى تجلى بنبرة صوتها هتفت:
-مااتكلمناش من آخر مرة قولتله سبني افكر، كان مفكر اني بفكر، مايعرفش اني اتخذت قراري بالرفض، بدر رجوعه هز كياني تاني يانسمة
قالتها بدموع الوجع والخذلان..مسدت نسمة على ظهرها قائلة:
-رهف انسي أيوب، أيوب ماضي وانتهى، وبعدين لسة فاكر يجي، مش هو اللي بعد بالشهور من غير أسباب، اه قولتي هتفكري، بس مش شهور كاملة يارهف وبعدها يجي يسأل
احتضنت وجهها تزيل عبراتها:
-إنتِ لسة بتحبيها، استدارت تنظر لنفسها بالمرآة بضياع
-أنا معرفش إن كنت حبيته ولا لا، اللي حاسة بيه دلوقتي اني تايهة وخايفة اظلمه معايا، هو مقلش مبرراته
تنهدت نسمة بحزن ثم هتفت:
-اللي اعرفه لو حبك مكنش اختفى دون مبررات، وليه ظهر دلوقتي بعد خمس شهور، رأيي إنك تنسيه وتعيشي مع بدر، ماتنسيش أنه راجع بغموض، ولو حس أن فيه حاجة مش هيسكت، وكمان طريقة جوازكم دي لازم نتقبلها حاليًا علشان هو مقتنع انك زي انجي، فابعدي ومتحاوليش تتعبي تفكيرك بأيوب، لازم تقنعي بدر انك غير انجي ووالدك، نظرت لعيناها
-آسفة يارهف، بس عمو هو اللي وصلكم للحال دا
ولجت كوثر تنظر لأبنتها
-حبيبتي ياله المأذون جه، وبدر ووالدته برة، ومعاه بنت معرفش تقربله ايه
نهضت تنهي زينتها، ثم ارتدت حجابها وخرجت
نهض عندما رآها، بسط كفيه يسحبها لتجلس بجواره، رجفة أصابت جسدها من ملامسة كفيه
لأول مرة تحتضن كفيه، أغمضت جفونها تسحب نفسها، حتى تسيطر على دقات قلبها، جلست مرتبكة تنظر لوالدتها المبتسمة، وصل والدها بجوار أنجي التي ترمق رهف بنيران الغيرة، توقف مالك وهتف
-عايزك في كلمتين على إنفراد..توقف بدر متحركًا خلفه، جلست تفرك كفيها من التوتر والخجل بآن واحد
ربتت نسمةعلى ظهرها
-رهف اهدي حبيبتي..اومأت تطالع وقوفهم داعية الله بسريرتها أن ينقض اليوم سريعا
عند بدر ومالك
-لأخر مرة بعرض عليك عرض، خد اللي إنت عايزه وابعد عن بنتي يابدر
وضع كفيه بجيب بنطاله يطالعه بهدوء:
-ليه يااستاذ مالك، هو احنا بنشتري ونبيع، بنتك هتبقى مراتي بعد شوية
ضغط مالك على ذراعيه بغضب:
-مادخلش رهف في عدواتنا يابن القاضي
قطب جبينه متسائلا:
مش فاهم قصدك يااستاذ مالك، عدواة ايه اللي حضرتك بتقولها، قصدك موت ابويا، ولا جدي..انزل يديه من فوق ذراعيه ودنى منه قائلًا:
-ياله ياحمايا علشان منتأخرش على المأذون..قالها وتحرك دون حديث
تحرك بدر وابتسامة شقت ثغره؛ لأنه توصل لمبتغاه
لانت ملامح رهف بعدما وجدته متجهًا بإبتسامته، تقابلت نظراتهم للحظات حتى شعرت بتوقف قلبها، فأشاحت ببصرها بعيدًا عنه
اتجه وجلس بجوارها هامسًا لها:
-طالعة كتير حلوة..رجفة قوية تضرب عمودها الفقري، حاولت الابتعاد عنه، ولكنه تحكم بقبضته على كفيها
-خلاص يادكتورة، كلها دقايق وهتكوني ملكي، نظرت حولها بضياع حتى بهتت ملامحها فهمست بتقطع
-سيب ايدي يابدر، دا مش إتفاقنا ..بتر نظراتهما قول المأذون
-نبدأ بسم الله
بعد فترة انتهى عقد القران، نهضت هاربة للأختلاء بنفسها بعدما تحرك الجميع سوى من والدها واختها وصديقتها
ولج والدها بعد طرقاته على الباب..أزالت عبراتها واعتدلت
-اتفضل حضرتك يابابا..جلس والدها ونظراته تحاوطها بعجز
-ليه مسمعتيش مني حبيبتي ، ليه وافقتي تتجوزيه وأنتِ عارفة أنه هيضرك
نهضت من مكانها ورسمت ابتسامة
-مين قال لحضرتك كدا، أمسكت كفيه وهتفت
-أنا مقتنعة ببدر جدا، ومتنساش حضرتك طفولتنا مع بعض كانت ازاي، وزي ماقولت قبل كدا ..كان سوء فهم بينا وبس
قبل جبينها وهمس
-آسف يارهف مقدرتش احميكي منه ..قالها وتحرك للخارج
أنت تقرأ
القاضي المتهم
Mystery / Thrillerعندما يصبح القلب جافيا قاسيا، فقد يصيب بعتمة حالكة، كالصحراء القاحلة لازرع فيها ولا ماء، حتى تنزف الروح بلا دماء، مما تجعل الجسد ميتا وهو على قيد الحياة"