الفصل الثاني: رحلة اللاعودة

43 6 5
                                    

جلس مالك ورنا بجوار بعضهما في الحافلة المتجهة إلى شرم الشيخ، وقد امتلأت الأجواء بينهما بمزيج من الإثارة والراحة. كانت رنا تنظر من النافذة، تتابع المناظر الطبيعية التي تمر بسرعة بينما يعكس زجاج النافذة ملامح وجهها الهادئة.

"لا أصدق أننا أخيرًا في طريقنا إلى شرم الشيخ"، قالت رنا بابتسامة مفعمة بالحماس، وهي تستند على كتف مالك.

ابتسم مالك وهو يضع ذراعه حولها، وقال بلطف: "أردت أن تكون هذه الرحلة خاصة جدًا لنا، لننسى كل شيء ونستمتع بكل لحظة."

نظرت إليه بعينين تملؤهما الامتنان، وقالت: "أشعر أن هذه الرحلة ستكون بداية جديدة لنا، وكأننا نعيد اكتشاف أنفسنا من جديد."

أومأ مالك برأسه، وهو يتابع بنظره الطريق الممتد أمامهم. "أعتقد أن كل ما نحتاجه هو بعض الوقت بعيدًا عن كل شيء، لنعيد ترتيب أفكارنا ومشاعرنا."

صمتت رنا للحظة، ثم قالت وهي تبتسم: "أنت محق. دعنا نستمتع بهذه اللحظات ونتذكرها دائمًا."

استمرت الحافلة في التقدم على الطريق، وبدأت الشمس تغيب ببطء خلف الجبال، مضيفةً سحرًا على الأفق. كانا يشعران بالراحة، وكأن تلك الرحلة تحمل في طياتها الكثير مما تخبئه لهما.

بينما كانت الحافلة تواصل سيرها على الطريق المتعرج نحو شرم الشيخ، كان مالك مستغرقًا في حديثه مع رنا، لكن شعورٌ غير مريح بدأ يتسلل إلى أعماقه. رغم الابتسامات واللحظات الجميلة التي تبادلها مع زوجته، لم يستطع تجاهل ذلك الإحساس الغريب الذي بدأ يراوده.

في أحد المقاعد الخلفية للحافلة، و هناك رجلٌ يجلس بهدوء، يرتدي نظارة شمسية عينيه تراقبان مالك ورنا بنظرةٍ خفية. لم يكن يبدو عليه شيئًا يثير الشكوك للوهلة الأولى، لكنه يتابع كل حركة لهما بدقة غريبة.

مع مرور الوقت، بدأت رنا تشعر بالتعب، فأراحت رأسها على كتف مالك وأغلقت عيناها لتنام قليلاً. أما مالك، فقد ظل مستيقظًا، وعقله مشغول بأفكارٍ مبعثرة. فجأة، شعر وكأن هناك من يراقبه. أدار رأسه بسرعة، لكن كل ما رأى كان الركاب الآخرين منغمسين في هدوء الرحلة.

ابتسم لنفسه، محاولًا طرد تلك الأفكار من ذهنه. "مجرد توتر لا أكثر"، قال في نفسه، محاولًا إقناع ذاته بأن كل شيء على ما يرام.

ومع استمرار الرحلة، ظل ذلك الشعور الغريب يلازم مالك، لكنه قرر ألا يعطيه الكثير من الاهتمام، محاولاً الاستمتاع بالرحلة كما خطط لها. ولم يكن يدري أن تلك اللحظة من عدم الانتباه قد تغير كل شيء.

بدأت رنا تستيقظ من غفوتها القصيرة، لتجد مالك مستيقظًا ينظر عبر النافذة. لاحظت على الفور أن هناك شيئًا ما يشغل باله.

"مالك، هل كل شيء على ما يرام؟ تبدو قلقًا"، سألت رنا بصوت ناعم، وعينيها مليئتان بالاهتمام.

نبضات بين الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن