الفصل السابع: الليلة الطويلة

11 2 0
                                    

كان هناك طفل في المدرسة، مختلف عن الآخرين بطريقة لم يفهمها أحد. لم يكن يتحدث كثيرًا، ولم يشارك في الألعاب. كان يفضل الجلوس وحده في زاوية الفناء، يراقب حركات الأشجار، ويرسم في الهواء بيديه الصغيرتين وكأنه يتخيل عالمًا آخر بعيدًا عن الصخب من حوله.

الأطفال الآخرون لاحظوا اختلافه. في البداية، حاولوا أن يقتربوا منه، ولكنهم سرعان ما شعروا بالملل من صمته، أو ربما بعدم فهمهم له. بدؤوا يسخرون منه. واحدٌ منهم ناداه باسم قاسٍ، وآخر سحب دميته التي كان يمسك بها دائمًا. لم يصرخ، ولم يحاول استعادتها، بل وقف جامدًا، محدقًا إلى الأرض.

كان يتهته قليلًا عندما يحاول التحدث، وكان ذلك يثير ضحكاتهم. "لماذا لا تتحدث مثلنا؟" سأله أحدهم، وضحك الجميع من حوله. كانت الضحكات تصدح في أذنيه، لكنه لم يرفع عينيه عن الأرض. بدا وكأن العالم من حوله لا يراه، وكأن صوته الداخلي لا يُسمع إلا في عزلته.

في إحدى الأيام، اقترب أحد الصبية منه وضربه على كتفه ليثير ضحك أصدقائه، تراجع بخطوات بطيئة، ووضع يديه على أذنيه، يحاول كتم تلك الضحكات المؤلمة التي تمزق قلبه. لم يستطع تحمل اللمس، ولم يستطع تحمل الأصوات العالية. حاول الهرب، لكنه تعثر وسقط على الأرض. ضحكاتهم ازدادت.

بينما جلس على الأرض، أخذ يهز جسده قليلاً، كما كان يفعل حينما يشعر بالخوف أو الضغط. لم يفهموا لماذا يفعل ذلك، ولم يهتموا حتى. بالنسبة لهم، كان مجرد "غريب الأطوار"، لكن بالنسبة له، كان ذلك هو الطريقة الوحيدة ليشعر بالأمان كان يؤمن بأن الظلام لا يدوم، وأن الشمس ستشرق على قلبه مجدداً ... يومًا ما.

في نهاية اليوم، عندما خلت الساحة، جلس وحيدًا، يبكي بلا صوت. لم تكن دموعه ظاهرة، لكن قلبه الصغير كان ينزف ألمًا لا يعرف كيف يشرحه لأحد.

العالم ضيق

يجلس وحيداً في ركن الملعب، عيناه تتابع حركة الكرة التي يدفعها أقرانه بعيداً عن متناوله. يرمقهم بنظرة حائرة، يحاول فك شفرة اللعبة التي تبدو له معقدة ومليئة بالرموز الغامضة. لم يفهم لماذا يضحكون عندما يركض خلف الكرة ، أو عندما يحاول التقرب منهم فيتراجعون.

عالمه الداخلي مليئ بألوان زاهية وأصوات كثيرة، عالم لا يفهمه أحد سواه. كان يفضل العزلة والهدوء، وكان يشعر بالراحة عندما يلعب بمفرده، يبني عوالمه الخاصة.

في كل يوم، يسخرون من اهتمامه بالأشياء الصغيرة التي لا يرون فيها قيمة. يدفعونه، ينهالون عليه بالضرب ... كان جزيرة صغيرة في محيط من الضحكات، لكن لا أحد يسمع صراخه.

في تلك الليلة غرفة نومه مظلمة، عدا ضوء قمر خافت يخترق النافذة. كان جالسًا على حافة السرير، وجهه مدفون بين يديه. دخلت الأم بهدوء، حاملةً كوبًا من الحليب الدافئ.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 10 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نبضات بين الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن