لم أر في حياتي شيئا أكثر رعبا وقسوة من البشر...

186 13 1
                                    

أنا وأخي ولد أخي في يوم خالطه الفرح بقدومه والحزن لذهاب عقله...

أخي كان مكتمل الجسد ناقص العقل كما يقال...

أحببناه بالرغم من كثرة كلام الناس عنه وقلة كلامه...

كان يوما مؤلما على أمي عندما رحل...

رحل ليبقى تحت رعاية الأطباء...

لم يعد يسكن معنا...

رحل وهو في العاشرة من عمره.....

كانت مشاكله أكبر من عمره...

أفتقد أخي...

أفتقد تواجده في المنزل...

أفتقد عناقه لي...

أشعر بالملل منذ رحيله لتلك المصحة العقلية ...

أفتقد سماع أحبك يا أختي الكبرى... من لسانه الثقيل...

أمي تقول إن هذا لمصلحته...

أعتقد أنه لمصلحتها مع أبي فقط...

أحاول من وقت لآخر إقناعهم بأن يحضروه لزيارتنا ولو لأيام....

يستجيبون.. ثم يندمون...

يندمون عندما يشاهدون تلك الفظائع التي لا تظهر إلا بعودته...

الحيوانات الصغيرة التي تقتل ببشاعة ...

القاذورات التي تلوث كل ركن من أركان المنزل...

ملابس أمي التي تقطع بالمقص...

الحرائق التي تنشب فجأة في غرفنا ...

كتب أبي ومخطوطاته النادرة التي تمزق...

أمور كثيرة لا ترحل إلا برحيل أخي...

عندما نزوره يتعلق بنا ويبكي...

يبكي كثيرا ...

يرق قلب أمي عليه لثواني لكنها سرعان ما تبعده عن صدرها لترحل...

تشفق عليه وتشتاق له أحيانا وتطلب من أبي إحضاره معنا ليزورنا...

كل زيارة له تكون أقصر من السابق....

بسبب تلك الأعمال الشنيعة التي تصاحب قدومه ...

أفتقد أخي...

أفتقده كونه الغطاء الأمثل لي ولكل ما كنت أقوم به من أعمال ممتعة أثناء تواجده في المنزل...

أكره إدعاء المثالية والطيبة التي تستمر طوال فترة غيابه...

حقا أفتقده...

صخب الخسيف 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن