الغريق الذي لا يغرق شاب في عقده الثاني من العمر...
يركب سيارة أجرة متوجها نحو مدينة ساحلية على الضفة الغربية للبحر الأحمر...
سائق السيارة رجل عجوز قليل الكلام...
يسأله الشاب بعض الأسئلة كي يسلي نفسه خلال الطريق...
العجوز يجيب بتحفظ دائما ...
أحد الأسئلة ضربت وترا حساسًا عند العجوز...
(الشاب): المدينة التي سأذهب اليها مدينة جميلة جدا.
(السائق العجوز) ......
(الشاب) وهو يبتسم
أذهب إليها مرة كل شهر كي أستمتع بجولاتها البحرية فهذه المدينة مشهورة بها.
(السائق العجوز) .....
(الشاب): لا يوجد أجمل من البحر في هذا الوقت من السنة...
(السائق العجوز) ولا يوجد أخطر منه....
(الشاب) مبتسما وهو سعيد بانحلال عقدة لسان العجوز: لماذا تقول هذا الكلام؟
(السائق العجوز )وهو ممسك بمقود السيارة وينظر أمامه
قبل أن أصبح سائق أجرة كنت أسكن تلك المدينة وأملك قارب سياحي أقوم بتلك الرحلات البحرية التي تتحدث عنها.
(الشاب) مبتسما ولماذا تركتها العائد المادي لجولة واحدة يعادل دخل سيارة الأجرة الأسبوع.
السائق العجوز لقد بعت القارب واشتريت هذه السيارة ولم أعد منذ تلك الحادثة
(الشاب) باستغراب أي حادثة؟
(السائق العجوز ) .....
(الشاب): ألن تخبرني؟
ا(لسائق العجوز): لقد توقفت عن رواية تلك القصة منذ زمن طويل.. لقد سئمت تكذيب الناس لي!
(الشاب) مبتسما : لا تقلق لن أكذبك.
السائق العجوز) وهو يحكم قبضته على المقود .....
(الشاب) وهو ينظر للسائق في ترقب....
(السائق العجوز): لقد كانوا أربعة.. أربعة شبان.. في عمرك تقريبا .. طلبوا مني أخذهم لمكان في عرض البحر .. كان المكان بعيدا جدا لكنهم أصروا عليه بالرغم من أني عرضت عليهم أماكن أخرى.. أغروني بالمال فوافقت...
(الشاب): وماذا حدث بعد ذلك ..؟
(السائق العجوز): كانوا من هواة الغطس وكانوا فيما يبدو يبحثون عن أماكن جديدة لممارسة تلك الهواية، أحضروا معهم خرائط وأجهزة غريبة لم أرها من قبل وكانوا يرشدوني طيلة الطريق
للوجه التي يرغبون الوصول إليها، بعد مسافة سير طويلة لم أقطعها من قبل أمروني بالتوقف
وبدؤوا بلبس أدوات الغطس وواحدا تلو الآخر بدؤوا بالغطس في الماء، كان الوقت في بداية العصر وقد بقوا في الماء حتى بدأت الشمس في الغروب، وقبل غروب الشمس تماما بدؤوا بالخروج من الماء وقبل تشغيلي محرك القارب للعودة سمعنا صوت استغاثة يأتي من الماء...(الشاب): هل كان أحد الشبان؟
(السائق العجوز) لا فكلهم قد صعد على متن القارب.. لقد كان صوت امرأة تستغيث.. كانت تصرخ طالبة النجدة .. كانت تقول إنها تغرق..
حدق الشبان في البحر حتى أشار أحدهم وقال إنه يراها كانت تلوح بيدها وتغطس وتطفو وكأنها ستغرق قفز أحدهم وبدأ بالسباحة نحوها.(الشاب): وماذا حدث بعدما أنقذها ؟
(السائق العجوز) لم ينقذها ولم نره مرة أخرى والمرأة لازالت تصرخ وتستنجد.
(الشاب): وماذا حدث بعد ذلك؟
(السائق العجوز) قفز شاب آخر وكما حدث مع صاحبه اختفى ولم يعد والمرأة لا زالت تصرخ وتستنجد قبل محاولة الشاب الثالث القفز أوقفته وقلت له إن تلك المرأة لو كانت ستغرق لغرقت منذ فترة طويلة فنظر لي باستغراب وقال:
ماذا تقصد؟
أخبرته أني أملك كشافا قويا على القارب وسوف أشعله باتجاه تلك المرأة، وقتها كان الليل قد حل والظلام كان دامسا ولم يكن هناك في البحر سوى صرخات تلك المرأة المستنجدة.
(الشاب) :.....
السائق العجوز أشعلت الكشاف باتجاه صوت المرأة وعندها فقط رأينا شكلها، توقفت المرأة عن الصراخ والتلويح وبدأت تحدق بنا بنظرة مخيفة، كانت امرأة طبيعية الشكل لكن عيناها كانتا مختلفة قليلا ...
(الشاب) بتوتر مختلفة كيف؟
السائق العجوز : لا أعرف.. ربما لأنها كانت تحدق بنا بخبث.. أحسست أنها واسعة أكثر من المعتاد ويغلب عليها السواد كأعين الدمى.. لم نر أثرًا للشابين اللذين قفزا وراءها وبعد مدة من تحديقنا بها وتحديقها بنا بصمت، ابتسمت وكشفت عن أنيابها المخيفة وبسرعة خاطفة غطست في الماء ورأينا ذيلها يغطس خلفها.
(الشاب): ذيلها ؟!
(السائق العجوز) : لو لم يؤكد الشابان الآخران ما رأيته لقلت أني كنت أتوهم... نعم ذيلها .. ذيل كذيل السمكة.. لكنه كان كبيرا متناسقا مع حجم جسدها.
(الشاب) هل تحاول أن تخبرني أنك رأيت حورية بحرية؟
الشاب العجوز: لا أعرف ماذا رأيت كل ما أعرفه أنني لم أدخل البحر منذ تلك الحادثة ولن أدخله مرة أخرى مهما حدث.
(الشاب):....
(السائق العجوز) وهو يوقف السيارة لقد وصلنا ...
(الشاب):....
(السائق العجوز)
ما بك؟.. ألن تنزل؟
(الشاب) وهو ينظر للبحر : أعدني لمدينتي...
أنت تقرأ
صخب الخسيف 1
Korkuالحياة مجموعة من الأحداث و القصص المتداخلة والتي تؤثر على أصحابها بشكل مباشر وعلى من حولهم بشكل غير مباشر. يقال انه لا يوجد دخان بلا نار ولكن لا أحد يطرح السؤال المهم وهو: من أشعل تلك النار ..؟ بعضنا يرى هذه التداخلات و بعضنا الآخر لا يعيها أو ينتبه...