الفصل الثاني |خائن في القصر!|

101 16 17
                                    

القسم على تدميرهم كان بينه وبين كتيبة الميرنا، حيث وقف في المنتصف بينهم. كان يعلم شجاعتهم جميعًا، ويعلم مدى قوة أجسادهم وبنيتها. لم يهابوا شيئًا، حتى الموت. فكل ذلك لا يقارن بمدى إخلاصهم لمملكتهم، تلك المملكة التي تُعرف بمملكة النار.
في اللحظة التي وقف فيها بينهم، شعر بالرهبة تتسرب إلى قلبه، ليس خوفًا، بل احترامًا لهذه الكتيبة التي نذرت حياتها لحماية المملكة. كان يعلم أن كل فرد منهم قد خضع لتدريبات قاسية ومرهقة، تعلموا فيها فنون القتال والنار. كانت أعينهم تحمل بريقًا يشير إلى العزيمة والولاء المطلق.هذه المملكة، التي تحتدم فيها النيران دون انقطاع، لم تكن مجرد مكانٍ يعيشون فيه، بل كانت وطنهم، أرضهم، وسبب وجودهم. كل جندي في كتيبة الميرنا كان مستعدًا للتضحية بحياته دون تردد في سبيل الدفاع عنها.تحدث أريان، وهو يتذكر كل لحظة عاشها مع ماريا حبيبته، التي كانت هي مصدر نبض قلبه، وكذلك وهو يتذكر شقيقه آرام الذي قُتل، فقال:
– أعلم مدى إخلاصكم وقوتكم، ولا أثق بأحد سوى أنتم. لا أثق حتى في ذاتي بقدر ما أثق بكم. تلك المملكة التي هي في القاع هي السبب في جميع ما يحدث لنا، هي السبب في تفتيت شملنا وقتل أحبتنا. أعلم أن هذه المرة الأولى التي أتحدث بها معكم عن الحرب، وأنها ليست من معتقداتنا. قد يبدو كلامي أشبه بكلام أبي، لكن هذه المرة مختلفة. هذه المرة هم من بدأوا، هم من أصروا على إخراج أسوأ ما فيَّ.صمت قليلاً حينما لاحظ نظراتهم الشغوفة، وبريق الحماس الذي يمكن أن يوزع على جميع الممالك المجاورة. ثم أضاف:
– سنستخدم جميع قواتنا، وكل من هو من العائلة الملكية سيشارك، حتى بالقوة المكتسبة من السحر الخاصة بنا.القوة الخاصة بالسحر!!!كانت نارسيا، شقيقته، تستمع له من شرفة غرفته الملكية دون علمه. كانت تطل على الفناء العسكري، ولم تدرك ماذا تفعل. أتفرح لأنها ستشارك بقوتها السحرية كما سيفعل الجميع، أم تحزن لأنها تعلم أن هناك خطبًا ما لا يذكره والدها لهم. فهو يخفي جزءًا من الحقيقة.ظلّت تفكر كيف ستستخدم تلك القدرة السحرية. ها هي قد أكملت عامها التاسع عشر ولم تجربها بعد. تلك القوة التي يمتلكونها حينما يتممون سنة الثامنة عشر، وقد مضى عام وهي تخاف منها ولا تقدر على السيطرة عليها. شردت في تلك الأفكار، وهي تنظر إلى يدها المرتعشة، ولم تلاحظ اختفاء شقيقها من ساحة الجنود.فجأة شعرت به خلفها، فاستدارت مذعورة، ليقول لها بدهشة:
– لماذا أنتِ هنا؟صرخت نارسيا:
– يا إلهي، أريان! لقد أخفتني بشدة!كتم أريان ضحكته على ملامحها المرتعبة وقال مازحًا:
– هذا ما تستحقينه لتجسسك علينا.نارسيا بغيظ:
– لم أكن أتجسس، كنت أستمع لخطبتك.أريان بابتسامة:
– وما رأيكِ بها؟نارسيا بحماس:
– أعجبتني بشدة. أنت قائد بالفطرة، كما أني متحمسة ومتوجسة في آن واحد.ابتسم أريان لها:
– ولماذا يا نارسي الصغيرة؟نارسيا:
– متحمسة لأني سأشارك في الحرب، وخائفة لأنني لم أتمكن بعد من التحكم في قوتي.أريان وهو يمسح على شعرها بقلق:
– أفضل ألا تشاركي في هذه الحرب، نارسيا. لن أتحمل فقدانك. أما بشأن قدراتك، فأنت تتدربين معي بالفعل، كما تتدربين مع خطيبك أيضًا.نارسيا بغيظ:
– لا تذكره أمامي، رجاءً. أقسم أني سأقتله عندما أتمكن من قدراتي. لا أتحمله أبدًا.أريان بضجر:
– نارسيا، هل سنعيد هذه المحادثة كل أسبوع حقًا؟نارسيا بغضب:
– لا أحبه ولا أتقبله. أشعر بأنه وحش سيلتهمني على العشاء.أريان ضاحكًا:
– لوسيان، يا فتاة، ابن عمك رجل طيب، وقد تربى معنا منذ طفولتنا، وهو صديقي الأقرب، لذا لا تطلقي عليه تلك الألقاب.نارسيا:
– إن كان به كل تلك الصفات الحسنة، فتزوجه أنت!أريان وهو يقرص أذنها:
– أنا أفضل النساء. لكن صدقًا، لا أفهم سبب رفضك.نارسيا بتنهد:
– لا أشعر أننا نفهم بعضنا بعضًا، أو أن بيننا لغة حوار. أشعر بابتعاده التام عني، كفرق وطننا عن موطن الحوريات. أعلم أنه لا يكن لي أي شعور، ولا أرى أي فائدة في زواجنا من أجل تنفيذ اتفاقية والدي وعمي. لا أهتم باتفاقهم. لا يمكنهم اختيار زوجي، تلك حياتي واختياري أنا.أريان بابتسامة دافئة:
– لن أجبرك أبدًا على الزواج منه، وإن كان هذا هو شعورك، فسأتقبله. سأتكلم مع لوسيان لنرى ما يمكننا فعله، وإن كان يتفق معك، سأفسخ خطبتكما اليوم.ابتسمت نارسيا بسعادة، وعانقته بقوة:
– أحبك، أخي!ابتسم أريان وهو يبادلها العناق:
– وأنا أيضًا، نارسي.
***********

الماء ضد النارWhere stories live. Discover now