حل الليل و بطلتنا لا تزال في سبات عميق الى أن دخلت أمها الغرفة تيقظها لتناول وجبة العشاء:
_هيا يا ابنتي انهضي، لم تأخذي قيلولة فقط إنها تبدوا غيبوبة.
أسيل بتثاؤب: حسنا.
استدارت زينب نحو باب الغرفة للخروج قائلة: إنه وقت العشاء أيتها الأميرة استيقظي حالا سوف ننتظرك.
نهضت أسيل وهي تمرر يديها فوق أعينها بحركة لطيفة لتبعد شعرها، ألقت نظرة على هاتفها لتتفقده لتتحول ملامحا الى ملامح استغراب حين وجدت العديد من المكالمات الفائتة من بهاء، قررت الاتصال به مجددا لكنه اتصل فجأة.
بهاء بلهفة : مرحبا، أسيل هل أنتي بخير اتصلت بك كثيرا لكن دون جدوى ؟
أسيل باستغراب: أنا بخير ما سبب اهتمامك المفاجئ و كل هذه الاتصالات أساسا؟
شعر بهاء بالتوتر و الإحراج لذا حاول مراوغة السؤال :
_ اتصلت للإطمئنان عنك فقط لا أكثر.
أسيل لم تعجب بالحديث فقررت تخطي الكلام و الصمت.
أكمل بهاء قائلا: عموما لقد اشتقت لك يجب أن أراك يوم الغد.
أسيل بتعجب: اشتقت لي...!
بهاء: نعم...
أسيل: أرجو المعذرة لدي حصص دراسية مهمة غدًا.
بهاء: لابأس، فور انتهائك اتصلي بي وسأكون هناك لأخذك.
أسيل: أمتلك جدول ممتلئ بعدة أعمال لذا أعتذر لن أتمكن من الاتقاء بك غدا.
بهاء: ما سبب تهربك يا أسيل؟
أسيل: التهرب؟... أي تهرب يا بهاء؟
بهاء بانزعاج: حسنا يا أسيل الى اللقاء.
أسيل ببرود: مع السلامة.كانت ملامح بهاء تجسد المفاجأة من معاملة أسيل الجافة لكنه تجاهل الأمر و خرج من غرفته متجها غرفة يوسف إلا انه لم يجده هناك ، أبلغته الخادمة بوجوده في المكتبة مع والده، حيث كانا يناقشان أمورًا مالية عن العمل، قرر بهاء الانسحاب إلى حديقة المنزل، عله يجد فيها ملاذا من ضغوط الحياة ومتاهات التفكير.
طوال جلسته كانت أسيل تراوده في كل لحظة، ملامحها محفورة في ذاكرته، فما إن خطرت بباله معاملته لها حتى علت شفتيه ابتسامة مريرة كشفت عن عمق جرحه وانكساره التي تستقبله أسيل بالامبالاة.
مرّت الأيام، وتكررت اتصالات بهاء بأسيل، فكانت تلوذ بالهرب منه في كل مرة، بينما تعيش نجوى عالمها بهدوء تستمتع بلقائاتها مع يوسف، غير آبهة بما يعانيه بهاء و أسيل، وكلما سألها يوسف عن أسيل ، أجابت بالجواب نفسه" منشغلة بمساعدة أمها في إدارة الأعمال لشركتهم ".
ومن الواضح أن هذه مجرد ذريعة من أسيل للتهرب من بهاء... و بالرغم من عدم رضاها عن علاقة نجوى و يوسف بدافع الخوف من تعلق نجوى و انكسارها او تدهور حالتها النفسية إلا أنها سمحت لها بالمضي قدمًا في علاقتها متظاهرة بالقبول، علما أنها تخفي حقيقة جنودها الخاصة لحماية صديقتها.
شهدت علاقة أسيل ونجوى تحولاً دراماتيكياً عندما قررت أسيل التدخل في حياة صديقتها العاطفية...
هذا التدخل، الذي كان مدفوعاً بدوافع شخصية حيث كانت نجوى تعيش مشاعر مراهقة بريئة مع أحدهم، إلا أنه كان يستغل سذاجتها بدافع الحب أدى إلى تدميرحالتها النفسية و الجسدية و أصيبت بفترة اكتئاب حاد جعلها تنعزل تماما عن المجتمع، إلا أن هذا كان دافعا لمشاعر الصداقة العميقة لأسيل للتقوم بالتدخل في حياة نجوى، التي كانت تعاني من علاقة عاطفية مؤذية و سامة، قررت أسيل الانتقام لصديقتها، فاستخدمت حراسها الشخصيين المخصصين من قبل أمها لحمايتها في فترة غيابها لإيذاء الشاب و تعنيفه بأسوء الطرق. هذا التصرف وإن كان غير قانوني، فإنه يعكس مدى عمق العلاقة بين الصديقتين و تلقين درسا لذلك الأحمق يجعله تائبا طيلة حياته... ورغم الصدمة التي خلفتها هذه الأحداث، إلا أنها نجحت في إنقاذ نجوى من أزمة عميقة.مرت الأيام و تراكم الشك في قلب بهاء فلم يستطع أن يحلل سبب تهرب أسيل منه، لا سيما أن علم بلقاء أخيه و نجوى، فلم يجد سوى اللجوء الى نجوى ليكشف من خلالها موعد خروج أسيل من المدرسة عازما على مواجهتها بالحقيقة... و هذا ما حصل تماما اتصل بنجوى و أخبرته بتوقيت انصرافها من المدرسة فذهب في يوم الغد و ظل ينتظرها أما سيارته.
أما السيدة أسيل ليست على دراية بما يحدث كانت في جو من الضحك و التنمر على طلاب المؤسسة خصيصا "أنس" و هو طالب يكبر أسيل بسنة من العمر ، كان يحبها بجنون إلا أنها لا تعيره اهتمام لذا كان مترددا في اعترافه بحبها بعد محاولاته البائسة التي تنتهي بتوتر و تلف في الكلمات فيبدأ بتعديل نظاراته بخجل مما يجعل أسيل تستهزأ به.توجهت أسيل نحو الخارج مع نجوى فأتى مسرعا من خلفها و هو يمسك نظاراته خوفا من سقوطها مصرا أن يكلم أسيل.
نجوى بقلق: أسيل أود إخبارك بشيئ لكن لا تقلقي...
أسيل بتعجب: أ... خير بإذن الله ماذا هناك؟
نجوى بارتباك : بهاء...
أسيل بقلق: بهاء... ما به؟
نجوى: لا تقلقي، إنه بخير حقيقتا أردت أن أخبرك أنه اتصل بي ليلة أمس و طلب مني إعطائه توقيت خروجنا من المدرسة ليلتقي بك.
أسيل بصدمة : ماذا؟... اكملي .
اشارت نجوى بأصبعها نحو سيارة سوداء : إنه ينتظرك هناك.يتبع... ♡♕
أنت تقرأ
نسيج الظلام
Mystery / Thrillerتدور أحداث الرواية حول فتاة تدعى أسيل تعيش حياة عادية مُحاطة بحبّ والديها ورعايتهم. لكنّ سعادتها لم تكتمل بعد رحيل والدها تاركًا وراءه فراغًا هائلًا في حياتها. كبرت أسيل محاطة بظلال الحزن والوحدة، تبحث عن دفء الأب الذي لم تراه منذ أن كانت في السن...